ماذا ينتظر المواطنون من الحكومة المقبلة ؟ وما معايير تشكيلها لتكون قادرة على مواجهة الأزمات وما الملفات الملحة التى تنتظر حلولا غير تقليدية ؟ ..تساؤلات تفرض نفسها فى محيط الرأى العام بعد إعلان حكومة “الببلاوى ” استقالتها إثر اضرابات عمالية واسعة . وبحثا عن إجابة، طرحت شبكة اللواء العربي الاخبارية هذه التساؤلات على خبراء فى الادارة والسياسة ونشطاء ومحللين إستراتيجيين لرصد رؤيتهم ومقترحاتهم :
فن التفاوض فى الأزمات
د.حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية سابقا قال للموقع إن حكومة “الببلاوى” استقالت بعد إنتشار الاضرابات العمالية وعدم تفعيل آليات التفاوض لاحتوائها والمماطلة والتسويف فى صرف مستحقات العمال بعد اعلان تطبيق الحد الأدنى للأجور . وطالب د.عبد العظيم الحكومة المقبلة المكلف بتشكيلها المهندس إبراهيم محلب، وزير الإسكان في الحكومة المستقيلة، بأن تضع ملف الإضرابات الفئوية فى صدارة أولوياتها وأن ينجح رئيس الوزراء الجديد فى التفاوض مع ممثلى العمال ومختلف الفئات المضربة بحيث يصل الى حلول توازن بين مصالحهم والمصلحة العامة والحالة الاقتصادية المتردية مع إعطائهم ضمانات لتنفيذ الوعود خلال جدول زمنى محدد حتى يطمئنوا ويعودوا للعمل والأهم تلبية المطالب بصورة تدريجية حتى تكتسب الحكومة ثقة الشعب . وأضاف خبير الإدارة أن هناك ملفات ملحة خلال المرحلة الانتقالية التى ستشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية ومن أهمها مكافحة الارهاب والحد من البطالة والفقر و تحسين خدمات المرافق من كهرباء ومياه وبنية تحتية ووضع ضوابط للأسعار. ولفت الى ضرورة تفضيل ذوى الخبرة عن أهل الثقة والتركيز على المتخصصين من 40 الى 60 سنة لأنها الفترة العمرية التى تجمع بين الخبرة والحماس والقدرة على العطاء والتواجد فى الشارع وسط الجماهير وعدم الاكتفاء بالتقارير الوهمية التى تصل المسئولين بمكاتبهم . واقترح خبير الإدارة دمج بعض الوزارات ترشيدا للنفقات مثل الشباب والرياضة و”التأمينات والتضامن الاجتماعى” و”التنمية المحلية والادارية” و”التعليم والبحث العلمى” و”الصحة والسكان والبيئة” مؤكدا أن ذلك سيضغط النفقات وسيحقق التنسيق بين الوزارات المتكاملة .
مطلوب حكومة قوية
وأكد د. طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية أن الحزب سبق أن طالب بتغيير الحكومة لما تعرضت له من انتقادات مثل الارتباك وتضارب القرارات،والعجز عن مواجهة الأزمات واخرها الاضرابات الفئوية التى شملت العديد من القطاعات وبالتالى هذا القرار تأخر كثيراً ولكن الأهم أن تكون الحكومة القادمة قوية وقادرة على تنفيذ استحقاقات خريطة الطريق من اختيار رئيس منتخب وتشكيل مجلس نواب يعبر عن فئات وهموم الشعب مع تحقيق أهداف الثورة رغم التحديات و على رأسها العدالة الاجتماعية. وطالب د.طارق زيدان بتشكيل حكومة تضم كفاءات تتمتع بالخبرة العملية والأكاديمية وتضع سياسات تتسم بالتوافق والرؤية الاستراتيجية مشيرا الى ضرورة الاستعانة بعناصر مؤهلة فى مختلف التخصصات مع مراعاة أن تكون أعمارهم متوسطة أى فوق الخمسين عاما مثلا وأن يسبق لهم العمل الميدانى على أرض الواقع . وأضاف رئيس حزب الثورة المصرية أن أبرز الملفات التى تتصدر أولويات الحكومة الجديدة حسم أزمة إضرابات العمال ومواجهة أعمال العنف بإصدار قانون مكافحة الارهاب وسرعة الفصل فى جرائم العنف لردع الارهابيين والتوعية الدينية السليمة لتصحيح الأفكار المتطرفة ومحاولة تحسين الوضع الاقتصادى بتنشيط السياحة و توفير فرص عمل واستتباب الأمن مع الإهتمام بقضايا محدودى الدخل مثل غلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء والمياه والعشوائيات وغيرها . وفيما يتعلق بدمج وزارات لترشيد النفقات ، يرى د. زيدان أن الفصل أو الدمج بين الحقائب الوزارية يتوقف على مدى تأثير ذلك على الأداء الادارى والخدمات المقدمة للمواطنين أكثر من ترشيد النفقات لأنه من المهم تطوير مستوى الأداء لكسب ثقة المواطن ومنح بارقة أمل جديدة للشعب . واتفق معه عقيل اسماعيل عقيل سكرتير عام مساعد حزب الوفد فى ضرورة تشكيل حكومة جديدة تفعل لجان إدارة الأزمات بالوزارات ، خاصة الامنية والاقتصادية التى تمر بها البلاد . وطالب بأن يكون لدى الوزراء الجدد خطط مدروسة تسعى لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير والموجة الثانية فى 30 يونيه ..مشيرا الى وجود عدد من الوزراء الأكفاء بالحكومةالسابقة يمكن الاستفادة بخبراتهم فى التشكيل الجديد لاستكمال الخطط والمشروعات العاجلة . ودعا رئيس الحكومة المقبل باستحداث وزارة لتنمية الصعيد فى حكومته وذلك تنفيذا للمادة 236من الدستور والتى تنص على حق الصعيد فى التنمية.
حلول..ابتكارية
ونبه د.محمد غاغة خبير السياسة والادارة الى أهمية وضع حلول ابتكارية للخروج من النفق المظلم فى مرحلة استثنائية وعدم الاعتماد على الحلول والآليات التقليدية فى التصدى لموجات العنف السياسي والتدهور الاقتصادي والانفلات الأمني. وتساءل د. غاغة :لماذا لايتم تنظيم “كورس تدريبى ” لإعداد القيادات وتدريبهم على أن يكون لديهم مهارات سياسية وتنفيذية وحنكة فى إدارة الأزمات . وأشار الى أنه فى بعض الدول المتقدمة يتم التوجه الى مركز بحثى به السير الذاتية لمتخصصين مرتبين وفقا لمعيار الكفاءة لاختيار وزير وفق متطلبات الحقيبة الوزارية . أما د.سعيد اللاوندى الخبير والمحلل السياسى بالأهرام ، فرحب بالتغيير الوزارى، قائلا إنه كان مطلبا ملحا للتصدى للتحديات القادمة .
وطالب بتركيز الحكومة الجديدة على مواجهة العنف السياسى وتوفير الأمن ، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاستغناء عن المعونات وتنشيط الاستثمارات وتحسين صورة البلاد فى الخارج .
الإدارة بالخبرة والحسم
بينما قالت د.ناهد الشرقاوى عضو المجالس القومية المتخصصة والاستاذ بجامعة حلوان إن قرار الاستقالة تأخر شهورا لأن الأزمات تفاقمت بسبب الاداء المرتعش والخوف من رد الفعل العنيف ومن هنا لابد من تشكيل حكومة من الكفاءات والشخصيات التى تتسم بالخبرة والحسم فى مواجهة المشكلات وردع المخالفين لانهاء حالة الفوضى والانفلات الاخلاقى .
ودعت الى الاستفادة من الخبرات العتيقة أكثر من القيادات الشابة لأن البلد فى هذه المرحلة تحتاج الى حنكة القيادات المخضرمة مثل د. كمال الجنزورى لإنقاذها من الازمات وخاصة على الصعيد الاقتصادى لسداد الديون واعادة دوران عجلة الانتاج .
وطالبت حكومة “محلب” بالعدول عن سياسية ” الطبطبة ” والتصدى للمخالفين والمخربين بقبضة من حديد ، فعلى سبيل اذا تم فصل موظف واحد أضرب عن العمل دون وجه حق لن يتكرر هذا الامر واذا تم تعيين شاب عاطل مكانه سيتم حل مشكلة البطالة .
ودعت الى التنسيق والتناغم بين برامج وخطط عمل الوزراء مع البناء على ماحققه السابقون بدلاً من هدمه حتى تتبلور منظومات عمل قوية
ومازال الشعب يترقب العناصر الواعدة فى الحكومة الجديدة وما تبتكره من حلول ناجزة لكثير من المشكلات وما تحمله من رؤى وخطط قابلة للتنفيذ على أرض الواقع فى مرحلة تاريخية حاسمة
التعليقات مغلقة الان