مصر تخترق آسيا

اللواء الأخبارية : خالد متولى

مُنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، حُكم البلاد، ومصر تسير بسياسة خارجية قائمة على تنويع دوائر تحركاتها، وتوسيع نطاق اشتباكها مع دول العالم، سواء القوى العظمى أو الكبرى أو الإقليمية المؤثرة، على نحو يحافظ على أمن البلاد، ويطور اقتصادها، ويدعم مكانتها.

ونجحت مصر بالفعل فى أن تجعل العالم ينظر إليها بصورة مُغايرة عما مضى، فالدولة المصرية اليوم باتت أكثر شباباً، وحكمة تجاه حالة التحول الدولى المتمثل فى صعود الدب الروسى، والتنين الصينى، وأيضاً دول شرق وجنوب آسيا، اليابان وكازاخستان، وكوريا، وسنغافورة، وتايلاند.

الرؤية المصرية كانت نافذة فى طبيعة التحولات الدولية، ففى الوقت الذى تعيش فيه منطقتنا العربية حالة اضطراب حقيقية بفعل موجة الإرهاب التى يتم إدارتها بفعل فاعل، اتجهت مصر إلى تنويع علاقاتها الدولية مما أعطاها مرونة فى إدارة ملفاتها العاجلة بالإضافة إلى نجاحها فى تخفيف الضغط التآمرى لبعض الدول الإقليمية التى كانت تسعى طوال الوقت لضرب استقرار مصر بالإرهاب.

ومنذ ما يقرب من العقدين كان الحديث عن توجه مصر شرقاً مجرد خيار متاح أمام السياسة المصرية، إلا إن التطورات الاقتصادية والاستراتيجية العالمية على مدى السنوات القليلة الماضية جعلت منه ضرورة يتعين على مصر الأخذ بها.

ميزان القوى الاقتصادية بات يميل الآن إلى القارة الآسيوية بوضوح، ففيها يوجد ثانى وثالث أكبر اقتصاد عالمى، ممثلاً فى الصين واليابان على التوالى، وعشرة من أكبر عشرين اقتصاد فى العالم، حيث حققت دول مثل روسيا، والهند، وكوريا الجنوبية، وأندونيسيا، طفرات اقتصادية واضحة.

وتتميز الشراكة مع الدول الآسيوية عامة بأنها أكثر عدلاً وإنصافاً للطرف المصرى، ولا تنطوى على شروط سياسية تمثل تدخلاً فى الشؤون الداخلية لمصر، كما أن الدول الآسيوية أكثر استعداداً لنقل التكنولوجيا بما فى ذلك “know how”، الأمر الذى سيضيف دون شك للقدرات المصرية، ويضمن استقلال قرارها.

وإلى جانب هذه القوى البارزة والكبرى، هناك دول مهمة صاعدة فى منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، التى تمثل قلب آسيا الذى يربط كلا من القارتين الآسيوية والأوربية، وهذه الدول باتت محط اهتمام وتنافس عدد من القوى الدولية والإقليمية الكبرى، خصوصاً فى ضوء الاحتياطات الضخمة بها من النفط والغاز، والتى تجعلها مرشحة لخلافة منطقة الخليج العربى فى المستقبل المنظور، فمثلاً بحر قزوين، الذى تمتلك كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان حوالى ثلثى شواطئه، يمثل ثانى أكبر احتياطى عالمى من النفط بعد منطقة الخليج العربى، وتتفاوت تقديرات هذا الاحتياطى من 200 إلى 233 مليار برميل.

وتتمتع كازاخستان بموقع جغرافى استراتيجى يسمح لها بالتحكم بتدفقات النفط والغاز من آسيا الوسطى شرقاً باتجاه الصين وغرباً إلى روسيا والأسواق الأوروبية، وهى تشارك فى تنفيذ مشروعات ضخمة للطاقة لنقل الموارد الهيدروكربونية إلى الأسواق العالمية.

القوى الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، أدركت أهمية آسيا فاتجهت روسيا لتعميق شراكاتها الاقتصادية وتعاونها الاستراتيجى القائم مع الدول الآسيوية، الكبرى منها والصاعدة والمؤهلة للصعود، كما اتجهت واشنطن بقوة لدعم التعاون مع آسيا، فى إطار ما سمى بسياسة “الارتكاز على آسيا” التى أعلنها أوباما لأول مرة فى نوفمبر 2011.

اختارت مصر أيضاً الاتجاه إلى آسيا التى كانت طوال الوقت قريبة إلى العقل المصرى كنموذج قريب منا اجتماعياً وحتى أنه يشبهنا فى مشاكلنا، كما تتميز العلاقات العربية مع دول آسيا بعمق امتدادها التاريخى.

حرص الرئيس السيسى، على توثيق علاقاتنا بدول آسيا التى بات أغلبها شريكاً فاعلاً فى الاقتصاد العالمى، فالرجل يُدرك التحولات الدولية بشكل عميق، ويدرك جيداً أن التحول الدولى، وحجم النمو التجارى الدولى، وكذلك التطور اللوجيستى حول العالم، يفرض على مصر هذا الانفتاح والتواصل مع دول آسيا، فمصر باتت ترى العالم بوضوح، والدولة المصرية تدرك حجم التحولات الطارئة على العالم، وتتحرك وفق رؤية غير مشوشة تستهدف محاولة خلق دور جديد لمصر فى عالم لم يعد يعترف فقط بالأدوار التقليدية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان