تتسلم مصر اليوم الجمعة، مسؤولياتها كعضو غير دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمدة عامين ليعكس قناعة بل وثقة المجتمع الدولي وفى مقدمته الدول الإفريقية فى قدرة مصر على دعم جهود السلام والتنمية والانخراط الفاعل فى الملفات الأكثر إلحاحًا على أجندة الألفية.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري أن مصر – بدخولها مجلس الأمن – تنتقل إلى مرحلة جديدة تعتبر فيها شريكاً في تحمل مسئولية صون السلم والأمن الدوليين، وليس فقط حماية مصالحها.
كما يعد تبوء مصر لمقعدها فى مجلس صناعة القرار السياسي المنوط به حفظ السلم والأمن العالميين ليسطر صفحة جديدة فى ملف النجاحات التى تسجلها السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة الثلاثين من يونيو.
وشدد وزير الخارجية شكري تعليقا على حصول مصر على المقعد غير الدائم بنجاح كاسح ب179 صوتًا من أصل 191 صوتا بقوله “هذا نتاج ما حققته مصر منذ ثورة 30 يونيو من استقرار وقدرة على التفاعل الإيجابي مع القضايا الإقليمية والدولية ومكانة مصر التى لا يضاهيها شيئ، فمصر بلد حضارة وثقافة وما حدث اليوم هو بفضل تواجدها وشعبها هو الذى حظى اليوم بهذه النتيجة المشرفة”، مشيراً إلى أن المقعد هو تأكيد لمكانة مصر وأنها جديرة لتتعامل معها كافة دول العالم من أجل تحقيق المصلحة المشتركة.
وقال شكري “إن مصر تستعيد ريادتها وقدرتها على أن تكون طرفا إقليميا فاعلا يتفاعل معه المجتمع الدولي بشكل إيجابي”، مؤكداً أن مصر تتبنى مواقف مبنية على مبادئ وأسس ثابتة لا تتغير ولا تخضع لأى نوع من التجاذب أو الاجتذاب لأى طرف، وسوف تستمر فى انتهاج سياسات متزنة ولا تنجرف نحو أى أهواء، حتى تدعم العدالة والمبادئ التى تسير عليها دائما.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري أن مصر سوف تسعى مصر فى إطار عضويتها فى مجلس الأمن للعامين القادمين لتكثيف جهودها لحشد المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب الذى لن تكون أى دولة من الدول بمنأى عن خطره.
ملفات عدة استعدت بها مصر لتحمل مسئولياتها فى مجلس الأمن بالتركيز بصفة خاصة على القضايا الإفريقية والعربية وفى مقدمتها تنمية القارة السمراء وسبل التوصل الى حلول للأزمتين الليبية والسورية اللتين فرضتا بإلحاح تبعاتهما على كافة المستويات إقليمية ودولية استراتيجية وإنسانية بخلاف سعي مصر جاهدة لدعم السلم والأمن على مستوى العالم وإعلاء مبادئ الأمم المتحدة.
وفى هذا الإطار، أكد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن مصر ستعمل خلال عضويتها بمجلس الأمن على الدفاع عن قضايا القارة الإفريقية والسعي لإنهاء النزاعات الموجودة في القارة بالتعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن.
وبالطبع لا تغيب القضية الفلسطينية عن الأولويات التى تضعها مصر فى هذا المحفل الدولى، فالقضية الفلسطينية ستبقى الشاغل الأكبر بالنسبة لمصر التى تعمل قصارى جهدها من خلال اتصالاتها وتحركاتها إقليميا ودوليا لوضع نهاية لمعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق.
وأكد المستشار أبو زيد أن القضية الفلسطينية لم تعد تتحمل التحرك دون هدف وإطار زمني، قائلا “لابد من هدف نهائي نتفق عليه كى نصل إليه.. وإطار زمني من أجل التحرك، ولابد من مبادئ ومسلمات يتأسس عليها الحوار، وهذا هو الموقف الذى تدفع به مصر وتنسق بشأنه مع الجانب الفلسطيني ومع الدول العربية الأخرى وهذا ما ستتبناه مصر خلال المرحلة القادمة بعد انضمامها إلى العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي.
ولا يتوقف جهد مصر عند حصولها على المقعد غير الدائم بمجلس الأمن فقط بل نجحت أيضا فى إطار سعيها لترجمة رؤيتها المتكاملة فى أن يتم اختيارها خلال الانتخابات التي جرت الشهر المنصرم بمجلس الأمن رئيسا لثلاث لجان فرعية معنية بمتابعة تنفيذ قرارات المجلس ذات الأهمية الخاصة، والتي تتطلب مراجعة دورية ومتابعة لموقف تنفيذ تلك القرارات، حيث تم اختيار مصر لرئاسة لجنة القرار 1373 المعنية بمكافحة الإرهاب، ولجنة القرار 1518 المعنية بمتابعة نظام العقوبات الخاص بالعراق، ولجنة القرار 1533 المعنية بمتابعة نظام العقوبات الخاص بالكونغو الديمقراطية.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن اختيار مصر لرئاسة تلك اللجان الثلاث له مدلولاته الهامة، حيث يعكس ثقة أعضاء مجلس الأمن، لاسيما الأعضاء الدائمين، في قدرة مصر على تولي مسئولية إدارة عمل تلك اللجان الهامة، وعلى وجه الخصوص لجنة مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى رئاستها للجنة معنية بشأن إحدى الدول الإفريقية، ولجنة أخرى معنية بشأن إحدى الدول العربية.
وأكد المتحدث على اعتزام مصر الاضطلاع برئاسة اللجان الثلاث بكل مهنية ومسئولية وبالتنسيق والتشاور الكامل مع أعضاء اللجنة بما يضمن تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ويأتي هذا الجهد المصري على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الأممي بالتوازي مع مجلس السلم والأمن الأفريقي في إطار سعي مصر للقيام بدور دولي فعال كدولة راعية للسلم والأمن، حيث أن القاهرة أطلقت خلال الأيام الماضية حملة للترويج لانضمامها إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وذلك عن مقعد الثلاث سنوات المخصص لإقليم شمال إفريقيا.
واستكمالا لمحاور التحرك المصري لحفظ السلم والأمن الدوليين جاء تقدم مصر رسمياً بطلب للترشح لعضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. إذ من المقرر أن يتم انتخاب الأعضاء الخمس عشر الجدد لمجلس السلم والأمن بالكامل علي هامش أعمال الدورة العادية الـ 28 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي المقرر عقدها في أديس أبابا في يناير الجاري، لكي يبدأ الأعضاء الجدد في تولي مهامهم في إبريل 2016.
ويتزامن ترشح مصر لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي مع عضويتنا في مجلس الأمن، إذ يجئ ترشح مصر لهذه العضوية على مستوي القارة الإفريقية في إطار الجهود التي تقوم بها مصر حالياً لاستكمال بنية السلم والأمن الإفريقية وفي مقدمتها تفعيل القوة الإفريقية الجاهزة التابعة للاتحاد الإفريقي بقدراتها الخمس والوصول بهدف مواجهة تحديات السلم والأمن في القارة، خاصة مع رئاسة مصر مؤخراً لقدرة إقليم شمال إفريقيا خلفاً للجزائر، فضلاً عن مشاركة مصر في القوة الإفريقية للتعامل السريع مع الأزمات (أسيرك).
ويأتي قرار ترشح مصر لعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي من منطلق الحرص على التنسيق بين أجندتي مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، حيث أن الجمع بين عضوية المجلسين سينعكس بالإيجاب على الدفع بقضايا القارة الإفريقية في مجلس الأمن، خاصة وأن مصر قد وضعت إبان ترشيحها لمجلس الأمن ملف التعامل مع الأزمات الإفريقية على رأس أولوياتها خاصة مع الترابط الوثيق بين عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وأجندة السلم والأمن للاتحاد الإفريقي.
وعليه ستكون مصر الدولة الوحيدة التي ستجمع بين عضوية المجلسين معاً في 2016 مما يؤهلها لكي تكون حلقة الوصل بين المجلسين بما يخدم قضايا وأولويات القارة الإفريقية، ويضمن التعبير عن المواقف الإفريقية الموحدة المتفق عليها في الاتحاد الإفريقي في مجلس الأمن الدولي.
التعليقات مغلقة الان