مراحل اكتساب مهارة جديدة (التعلم)

بقلم/ معتز صابر

كاتب وروائي

ومدرب تنمية بشرية

 

اكتساب إي مهارة تمر بأربعة مراحل:

لا وعي لا مهارة – وعي لا مهارة – وعي مهارة – لا وعي مهارة

وفيما يلي شرح تلك المراحل الأربعة.

  1. لا وعي – لا مهارة: فالإنسان قبل أن يتعلم أي مهارة جديدة لا يكون على وعي بتلك المهارة ولا يعرفها ولا يعرف شيئاً عنها، وبالتالي فهو يفتقد لتلك المهارة، فيكون غير واعيا بتلك المهارة ولا يمتلكها أيضاً، فمثلا مهارة التعامل مع برنامج إكسيل، فإن الإنسان الذي لا يعرف شيئا عن برامج الأوفيس لا يعرف أن هناك برنامجا يدعى إكسيل، ولا يعرف ما هي مميزاته وبماذا سيفيده، وبالطبع لا يملك أي مهارة للتعامل معه.

  2. وعي – لا مهارة: في تلك المرحلة يعي الإنسان أن هناك مهارة جديدة، ويعي كذلك أنه لا يمتلك تلك المهارة فيتخذ قراره هل يتعلم تلك المهارة أم لا، فإذا قرر اكتساب تلك المهارة فإنه ينتقل إلى المرحلة الثالثة، وهي:

  3. وعي – ومهارة: وفي تلك المرحلة يبدأ الإنسان في تعلم المهارة الجديدة وينفذ خطوات ما تعلمه خطوة خطوة بكل تركيز وبكل وعي لما يفعله، وفي تلك المرحلة يكون العقل الواعي هو المسئول عن تنفيذ أو فعل المهارة – وبالطبع العقل الواعي لا يقوم بعمل فعلين في وقت واحد بل يركز على شئ واحد فقط – فلا يفعل الإنسان أي شئ بخلاف تلك المهارة لأن كل وعيه يكون مع مهارته الجديدة؛ ولنرجع لمثالنا الخاص بتعلم برنامج الإكسيل، فبعد أن يعي الإنسان أن هناك برنامج يدعى الإكسيل ويعرف ما فوائده بالنسبة له ويبدأ في تعلم تلك المهارة الجديدة، فإنه يكون واعيا بتلك المهارة وينفذ خطوات العملية التي يريد تنفيذها على إكسيل خطوة خطوة بوعي كامل وبتركيز تام، ويستخدم عقله الواعي في تذكر كيفية فعل تلك المهارة الجديدة وكيفية تنفيذها بطريقة صحيحة، وبعد أن يكتسب الإنسان المهارة الكاملة ويكون قد تمكن منها يكون قد وصل للمرحلة الأخيرة وهي:

  4. لا وعي – مهارة: فيكون الإنسان قد اكتسب المهارة كاملة وقد تعود عليها ويتمكن منها بحيث أنه يفعل ما يفعله دون أن يركز في كل خطوة على حدة، بل يفعلها بكل تلقائية، وهنا يكون العقل اللاواعي هو المسؤول عن تنفيذ المهارة حيث تنتقل تنفيذ المهارة من العقل الواعي إلى العقل اللاواعي بعد تكرارها مرات عديدة، وهنا قد يقوم الإنسان بعمل المهارة التي اكتسبها أثناء قيامه بعمل شئ آخر، حيث أن العقل اللاواعي له القدرة على فعل أكثر من عملية في وقت واحد، ومثالنا على ذلك صانعة ملابس التريكو، فإنك تجدها تحرك إبرتي التريكو بكل سرعة وتتحدث مع من بجوارها أو تشاهد التلفاز دون أن تركز في ما تفعله خطوة خطوة، فتصبح وقتها قد امتلكت مهارة التريكو ولا يستلزمها ذلك أن تعي ما تفعله أوتركز فيه، فتصبح في المرحلة الأخير من اكتساب المهارة وهي لا وعي ومهارة.

ومن وجهة نظري أن أهم مرحلة وأخطر مرحلة هي المرحلة الثالثة (وعي ومهارة)، فهي أهم مرحلة لأنك فيها تكتسب المهارة وتتعلمها وتكون قد أضفت لنفسك شيئا جديدا، وأخطر مرحلة لإنك إذا تعلمت شيئا خطئا أثناء اكتسابك لتلك المهارة الجديدة ولم تكن تعلم أنها خطأ وظللت تتعلمها كما أنت على خطأك، فإن المهارة والخطأ ستنتقل فيما بعد إلى العقل اللاواعي ويظل الخطأ محفور داخل ذاكرتك … وتكون حينها في المرحلة الأولى بالنسبة للصحيح الذي لم تتعلمه، ولن يتم تغيير ذلك الخطأ إلا بعد أن تبدأ من المرحلة الثانية، ثم تنتقل إلى المرحلة الثالثة وتتعلم الصحيح حتى تكتسبه ثم يقوم العقل اللاواعي باستبدال الخطأ بالصحيح الجديد، فمثلاً الذي يحفظ القرآن ولم يكن يحفظه بأحكام التلاوة، وقد انتقل إلى المرحلة الرابعة فإنه يكون بذلك في المرحلة الأولى بالنسبة إلى تعلم أحكام التلاوة، ولما يعلم أنه يقرأ القرآن بدون أحكام التلاوة، يكون وقتها قد بدأ من المرحلة الثانية حيث أنه يعي أنه لا يملك مهارة قراءة القرآن بأحكام التلاوة، ثم ينتقل إلى المرحلة الثالثة، وبعد أن يكتسب مهارة قراءة القرآن بأحكام التلاوة يبدأ العقل اللاواعي باستبدال الحفظ القديم الذي بدون أحكام التلاوة بالحفظ الجديد وهو الحفظ أو القراءة بأحكام التلاوة.

وقد ذكرت في مقالة سابقة أن اكتساب أي عادة تحتاج ما بين واحد وعشرين يوما إلى ثلاثة أشهر، والمرحلة الثالثة (وعي ومهارة) قد تتشابه مع اكتساب العادة وربما تختلف معها، بمعنى أن الإنسان ربما يمكث ما بين واحد وعشرين يوما إلى ثلاثة أشهر في تعلم المهارة حتى ينتقل إلى المرحلة الرابعة ويصبح لا واعيا أثناء تنفيذها، وربما لا تتعلق اكتساب المهارة الجديدة والتمكن منها بتلك المدة، فمثلا مهارة تعلم اللغة، فإن الإنسان يظل يتعلم حوالي ما يقارب العام، كما أنه يقوم بعملية تسمى ممارسة اللغة حتى يتمكن منها وتصبح في مرحلة اللاوعي ومهارة، وهناك بعض المهارات التي تحتاج لاكتسابها حتى تصبح لا واعيا فيها أن تكررها لمرات كثيرة، فمثلا في الفنون القتالية، يتعلم الإنسان ركلة ما أو ضربة ما، وحتى يتمكن منها وتصبح سهلة وينفذها بكل سهولة ويسر فإنه يكررها ألف مرة بطريقة صحيحة حتى تصبح عنده تلك الركلة أو الضربة أو التكنيك القتالي في مرحلة اللاوعي ومهارة ويكون المسئول عنها العقل اللاواعي – ولا يشترط ذلك العدد في يوم واحد.

وبعد أن عرفت مراحل اكتساب المهارة عليك أن تصبر وتتعلم بطريقة صحيحة، فبما بعد ذلك هو النجاح في الأمر.

*******

ملحوظة: العقل اللاواعي أو العقل الباطن يحتفظ بأي معلومة يكتسبها الإنسان عن طريق الجهاز العصبي أو الحواس الخمس بمجرد معرفتها من أول مرة حتى لو لم يكن العقل الواعي قد وعيها، وما ذكرته في تلك المقالة أن المهارة تنتقل تنفيذها من العقل الواعي إلى العقل اللاواعي وهناك فرق بين تنفيذ المهارة وبين المعلومة ذاتها .. وللتوضيح أكثر أرجو مراسلتي عبر الفيس بوك: https://www.facebook.com/MtzSabr/

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان