قصة « عروس حابى » للأديبة /نهال عبد الواحد
مصر أم الحضارات، صاحبة أقدم حضارة، حققت تقدم وإزدهار في عدة عصور قديمة بدايةً من عصر الدولة القديمة ثم الوسطى والدولة الحديث، أقدم إمبراطورية عرفها التاريخ.
في طيبة وفي إحدى قصور فرعون (حاكم البلاد) كانت لإحدى زوجاته ماشطة تقوم بالإهتمام بجمالها والعناية به، وقد عُرف عن هذه الزوجة إهتمامها بجمالها و أناقتها طوال الوقت.
كانت هذه الماشطة و تدعى (نبت) متقنة مهنتها، تتفنن فيها فقد ورثت المهنة عن أمها وجدتها و متشرّبة لأسرار وصفات الجمال؛ لذلك كانت مقربة من إمرأة الفرعون.
كانت (نبت) جميلة الملامح حنطية البشرة سوداء العين والشعر، لكنها كانت ترتدي ذلك الشعر المستعار (باروكة) الذي تفننت في صناعته و تزيينه.
كانت مقيمة بقصر الفرعون في جناح خاص، لها خادمة ليست وصيفة، فكانت تعتني بجمالها بطرقها الخاصة التي وعدت إمرأة الفرعون ألا تخبر بها أحد إلا لإبنتها عندما تتزوج وتنجب؛ فمثل هذه الأسرار لا تورث إلا للأبناء؛ و أيضًا لأن تلك السيدة تريد أن يكون سر جمالها سرٌ مخفيّ عن الجميع.
كانت غرفة (نبت) فخمة إلى حدٍ ما ليست كغيرها من الخدم؛ حيث لها مكانتها المرموقة في القصر لكنها لم تصل لدرجة غرف زوجات الفرعون وأبناءه.
كانت غرفة متسعة إلى حدٍ ما، لها تختٌ صغير، صندوق لملابسها و أدوات زينتها، جوار الصندوق منضدة خشبية صغيرة فوقها مرآتها النحاسية الخاصة، مكحلتها و مشاطة لتعدّل هيئتها قبل أن تخرج من مخدعها، وأيضًا أكثر من واحدة من الشعر المستعار.
بدلت ملابسها، ارتدت فستانها الكتاني الأبيض، ضيق من أعلى، له حزام عريض من الخصر ذهبي اللون، ذات أكمام، لديها قلادتها الخاصة التي قد أهدتها لها امرأة الفرعون ذات يوم، ضبطت (الباروكة) واضعة ذلك الطوق فوقها، نثرت بعضٌ من عطرها، اكتحلت جاعلة رسمة عينيها شرطة لأعلى و أكملت زينتها؛ فاليوم يوم خاصٌ وسعيدٌ لها.
ارتدت نعلها الجلدي، ها هي صارت على أتم استعداد يكاد ينطق الحسن من وجهها، خرجت (نبت) من غرفتها باكرًا عن موعد إمرأة الفرعون؛ يبدو أن الأمر فعلًا هام.
اتجهت نحو حديقة القصر، فهاهي تسير في ممرات القصر، كلما مرت على أحد الخدم انحنى تعظيمًا لها؛ فهي صاحبة المقام ماشطة زوجة الفرعون، وليس لأحد الحق في أن يسألها لأين تتجه الآن!
سارت قليلًا في الحديقة بين أحواض لزهور اللوتس و البردي وبعضٌ من ورد النيل، ظلت تسير لمسافة ثم توقفت و هي تتلفت حولها كأنها تبحث عن شخصٍ ما.
ظلت واقفة قليلًا حتى مرّ أمامها شاب أسمر مرتديًا ثوبًا أبيضًا من الكتان ضيقًا، مفتوحًا من الأمام، يصل طوله إلى منتصف ساقه، يلف خصره بحزامٍ عريض من اللون الذهبي، و(كولة) عريضة على صدره من اللون الذهبي أيضًا، على رأسه غطاء رأس فرعوني أبيض اللون، فوقه طوق ذهبي اللون، مرتديًا نعل جلدي بقدميه.
نادت عليه بهسهسة: سسسس!
التفت الشاب مضيّقًا عينيه السوداوتين بتعجب؛ يا ترى من المنادي، لكن ما أن رآها حتى إبتسم باشًّا مسرورًا: مرحبًا آنستي، كيف حالك؟
اتسعت ابتسامتها قائلة: بخيرٍ يا حور، كيف حالك؟ لقد اشتقت إليك كثيرًا.
– وأنا أيضًا، لقد افتقدتك كثيرًا.
– كنت أحسب الأيام و أعد الليالي حتى موعد لقاءنا.
فأمسك بيدها وقال بعشقٍ دفين ناظرًا في عينيها اللامعتين: ما أجمل حظي! أتنتظريني بنفسك أيتها الجميلة؟!
فتنهدت قائلة: أتمنى أن تكون انتهيت من عملك.
فأومأ حور وتابع: فعلًا، قد انتهيت من ذلك العمل، لكن مولاي الفرعون قد طلب تمثالًا آخر وقد طلبني اليوم لهذا الأمر.
فتبسّمت بفخر ثم قالت: حفظتك الآلهة عزيزي! حقيقةً إنك نحّاتٌ ماهر، و لمولاي الفرعون حق في ألا يُفرّط فيك.
– كم أتمنى لو أنحت لكِ تمثالًا بنفس صورة وجهك الرائع، والقوام الممشوق، والخصر المضموم، كم أنتِ جميلة يا نبت! فلم أرى في جمالك فتاة في طيبة كلها.
صاحت نبت بغيرة: إذن فأنت تعرف الكثيرات؟!
فأومأ حور سريعًا نافيًا وتابع: لا لا، بحكم عملي و تجوالي بين القصور، لكن أقسم لك بحق آمون أني لا أعرف غيرك! بل لا أرى سواكِ؛ فقلبي لا يسكنه غيرك.
فتنهدت براحة ثم قالت: إذن، أتقدم إليك بطلبك زوجًا لي.
فاتسعت ابتسامته وانحنى مقبّلًا يدها ثم قال: هذا أسعد خبر سمعته! ترى هل لمثلي أن يرفض طلبك؟! كم تمنيت ذلك اليوم الذي تقومي بخطبتي فيه!
– إذن سأنتظرك حتى تتم مهمتك الجديدة وبعدها…
فقاطعها مسرعًا: وبعدها سأُفاتح الفرعون في أمرنا لنكمل ترتيباتنا مع كاهن المعبد ليتولى مراسم تزويجنا.
فأغمضت عينيها بعشق متيّم وأهدرت: ما أروع هذا!
ثم فزعت فجأة وقالت: ما هذا؟! لقد تأخرت على مولاتي! حان موعد حمامها، إلى اللقاء، أحبك حور.
– وأنا أهيم بك عشقًا يا نبت.
فابتسمت إبتسامتها الساحرة، التفتت مغادرة، اتجهت فورًا لغرفة امرأة الفرعون، بينما حور أكمل طريقها للقاء الفرعون.
وصلت نبت أمام غرفة امرأة الفرعون تطلب إذن الدخول فأُذن لها فدخلت، كانت امرأة الفرعون لاتزال في تختها.
كانت الغرفة متسعة منقوشة الجدران، منحوتًا عليها نقوش للفرعون و لآمون الإله، كان هناك صناديق كبيرة مصنوعة من الخشب الصندل، مطعّمة بالذهب و بها ملابس مولاتها ومقتنياتها.
والتخت أيضًا من خشب الصندل، مطعّم بالذهب، فُرش التخت من الحرير المحشو بريش النعام، مزيّن بخيوطٍ من الذهب، حولها بعض البرادي الحريرة، وتوجد مصابيح معلّقة توقد بالزيوت مصنوعة من النحاس المطعّم بالذهب.
دخلت نبت تعد حمام سيدتها ثم ذهبت إليها، وجدتها قد استيقظت، تستعد بالنهوض من فراشها مرتدية فستان نومٍ بلا أكمام، فتحة رقبته مربعة الشكل و مفتوحًا يظهر جزء من صدرها.
ما أن همت قدماها بملامسة الأرض حتى جاءت وصيفتها واضعة نعالها الخشبي المخصص لدخول الحمام، وضعت رداءًا آخر فوق كتفيها قامت بإغلاقه من الأمام.
وصلت السيدة بصحبة وصيفتها إلى الحمام، كانت بداخله (نبت) وقد خلعت ردائها ذات الأكمام هذا لتقف برداءٍ آخر بدون أكمام وقصير حتى تتمكن من تحميم سيدتها بدون أن تبلل ملابسها.
كانت تضع الرَدّة بداخل كيس من الشاش ملأت ثلثيه فقط ثم غمسته في طبقٍ من الحليب، قامت بتدليك جسمها بالكامل مع التكرار عدة مرات.
ثم ملأت المغطس بالماء الفاتر، مغموسًا فيه كيس من الشاش داخله الرَدّة حتى يصير لون الماء بنيًّا ثم أضافت إليه بعض الحليب، بعدها جلست فيه سيدتها لمدة نصف ساعة.
بعد خروجها من المغطس جففتها ودلّكت جسدها بزيت الياسمين العطري.
جلست السيدة واضعة قدميها في طبقٍ به ماء ساخن مضافًا إليه الملح، الليمون، أحد الزيوت العطرية، بدأت بتدليك القدمين، ثم قامت بعمل (الباديكير) باستخدام بعض الأدوات الخاصة.
وفي نفس الوقت قد أعدت كمادات من زهور البابونج في شاش مع خلطها بالقليل من حبوب القمح ونُقع ذلك الشاش في زيت اللوز مع زيت الليمون و زيت اللوتس، وضعت هذه الكمادات على وجهها لمدة عشرين دقيقة كقناعٍ مغذي و مرطب للبشرة.
وبعده ماسك الحليب اليومي الذي يوضع على البشرة لمدة عشر دقائق ويكون بمثابة واقي للبشرة من أشعة الشمس.
ثم رطبت البشرة و الجسم بزيت اللوز مع جل نبات الصبار لنعومة القدمين و المرفقين.
وبعد الحمام و الأقنعة ارتدت السيدة إحدى أثوابها القيّمة من الحرير الأحمر الضيق و بدون أكمام، محيطًا بخصرها حزام عريض منقوشًا بأسلاكٍ من الذهب، من الأمام حلية منحوتًا عليها شعار المملكة، قلادة عريضة من الذهب المطعّم بالأحجار الكريمة، سوارين من الذهب العريض حول ذراعيها.
بدأت (نبت) في تزيينها فاستخدمت ملقاطًا مصنوعًا من البرونز لتزجج به شعيرات الحاجبين، ثم بدأت بتظليل الجفنين وتكحيلهما بالكحل الأسود مع إمتداد شرطة العين فتبدوان أكثر اتساعًا و بريقًا، ثم وضعت لها نوعان آخران من الكحل أحدهما للرموش والآخر لرسم الحاجب و تطويله.
ثم وضعت البودرة على وجهها و التي صنعتها من عجينة التلك معجونة بعسل النحل، صبته في قوالب خشبية لتجف، ثم وضعت أحمر الخدود على وجنتيها مبتدئة من جوار الأذن متدرجة نحو الأنف، ثم أحمر الشفاه بواسطة فرشاة خاصة.
وضعت الشعر المستعار المطعّم بالأحجار الكريمة، فلا رغبة للسيدة بالجلوس بشعرها اليوم، وأخيرًا وضعت التاج على رأسها.
ومرت الأيام ولا جديد فكل يوم تقوم (نبت) نفس المهام، و(حور) مشغولًا بنحت تمثال جديد للفرعون وكان كثيرًا ما يجيء لمقابلة الفرعون.
وانتهى (حور) أخيرًا من نحت ذلك التمثال، الذي برع فيه كثيرًا وقد تشابه لحدٍ مع ملامح الفرعون وحان الوقت المناسب ليفاتح (حور) الفرعون في أمر تزويجه بـ(نبت).
وذات يوم أثناء لقاء (حور) بالفرعون، وكان جالسًا على عرشه بمهابة مرتديًا تاجه الكبير فوق رأسه و قلادة عظيمة من الذهب الخالص، نعله من الجلد الطبيعي المطعم بأسلاك من الذهب، على جانبيه يقف خادمين يمسك كلا منهما بمروحة من ريش النعام و يحركاهما لتجلب بعض النسيم للفرعون.
وقف (حور) منحنيًا راكعًا منذ أن دخل لساحة الفرعون حتى أذن له بالإعتدال.
فقال الفرعون بسعادة: لقد أبليت بلاءً حسنًا يا حور، فالتمثال رائع حقًا.
فأجاب بامتنان: أشكرك مولاي الفرعون، أنا لم أفعل شيئًا، بل هي بركة حضرتكم يا ابن الإله.
أومأ الفرعون بغرور: سَلني ما تريد يا حور ولك ما تشاء جزاء براعتك.
تردد قليلًا ثم قال: حقيقةً مولاي الفرعون كان لي طلب وحيد، هو بمثابة بث الحياة إليّ، كأني ميت وستعود الروح بداخلي من جديد.
– ما الأمر؟! هيا تحدث!
أجاب حور بلعثمة واضطراب: في الحقيقة، كان لي طلب خاص، هو… هو… كنت أود الزواج من (نبت) ماشطة امرأة عظمتكم.
الفرعون وهو يضيق عينيه بتمهّل: نبت! إذن قد قامت بطلبك للزواج!
فأومأ برأسه وتابع بسعادة بالغة: أجل يا مولاي!
نظر الفرعون ناحية أحد الكهنة الذي كان يقف جانبًا في هذه الساحة، ثم قال: لكن هذا الطلب مستحيل.
فانقبض قلبه فجأة وأصابته غصّة شديدة تكاد تقتلعه من مكانه، و ود لو سأل الفرعون لكن الكلام قد تجمّد في حلقه وأقسم ألا يخرج.
فأكمل الفرعون: كما تعلم قد إقترب موعد وفاء النيل، ونحن الآن نعد للإحتفال وتقديم الهدايا والقرابين، وأيضًا اختيار عروسًا عذراءً جميلة قبل أن يغضب علينا حابي، وكما تعلم لا توجد عروس في طيبة عذراء و بجمال نبت.
فقال (حور) بصدمة: هل تعني أن نبت ستُزف إلى حابي عروسًا؟!
تابع الفرعون مهددًا: أجل! والأفضل لك ألا تفكّر فيها وتنساها تمامًا، حتى لا نصاب جميعنا بغضب حابي أو غضب باقي الآلهة، انتهى الأمر ويمكنك الذهاب.
خرج (حور) منحنيًا راكعًا كما دخل، لكن يسير بخطواتٍ للخلف؛ فلا ينبغي له أن يعطي ظهره للفرعون.
ولما خرج تمامًا مغادرًا ساحة الفرعون وقد أصابه الهم، ولا يدري ماذا يفعل والفتاة التي أحبها وأحبته منذ زمن ستتزوج بغيره، وليس أي زوج إنه الإله ( حابي)!
في بداية الأمر قرر (حور) الإستجابة لأمر الفرعون ونسيان (نبت) تمامًا، لكن بات الأمر شديد الصعوبة، فعشقها يجري في جسده مجرى الدم وإن تركها تخرج من قلبه فحتمًا ستخرج روحه خلفها.
وذات يوم عزم على لقاء (نبت) والتحدث إليها، فالوضع غير مبشّر بأي خير، وأرسل لها مع خادمتها أن تنتظره جوار حوض ورد النيل في الحديقة الخلفية للقصر.
فجاءته (نبت) ترتدي فستانًا كتانيًا بني اللون، ذات أكمام و على رأسها ( باروكة) قصيرة على هيئة قصة (الكاريه) وكان يبدو على وجهها الغضب.
فصاحت نبت بغضبٍ شديد: ماذا تريد مِني يا حور بعد ما وعدتني و تركتني طوال تلك الفترة؟!
فتابع بحرن: كأنك لا تعلمِين!
فعكرت حاجبيها وتسآلت: أعلم ماذا؟!
– أنك ستُزفين عروسًا لحابي قريبًا، وقد حذرني الفرعون وطلب مني الإبتعاد عنك حتى لا يغضب حابي أو غيره من الآلهة، لكني لم أتحمل البعد، ولم أطيق أن تكوني لغيري.
صاحت نبت بصدمة: ماذا؟! لكن ما تقوله يا حور أمرًا لا رجعة فيه!
ثم قالت: الآن فهمت سر نظرات مولاتي وسر طلبها عندما أتت إليّ بماشطة، طلبت مني أن أقوم بتعليمها من وصفات و أسرار الجمال بعكس طلبها السابق، لكن كنت أظن ذلك بسبب زواجي منك!
– إحساسي يخبرني أنها مكيدة إحدى الماشطات في القصر؛ فهن تغارنّ منكِ.
فقالت بعتاب: تقصد أني لست بأجمل فتاة في طيبة!
فتأفف (حور) وقال: هل هذا الوقت المناسب لتلك الأفكار؟! أم أنك ترحبين مثل غيرك من الفتايات اللاتي تتمنى الزواج من حابي!
فأومأت برأسها باستنكار وأسرعت قائلة: بالطبع لا أتمنى إلا الزواج منك أنت، لكن ما العمل الآن؟!
سكت (حور) بعض الوقت و وجهه يوحي بفكرة كارثية، ثم أكمل بخفوت: لن أدعكِ له مهما كلفني الأمر، سأقوم بنحت تمثالًا خشبيًا بنفس ملامح وجهك وتقومين أنتِ بتزيينه، على أن يحل محلك قبل قذفك بلحظات، ثم نهرب معًا بعيدًا ونتزوج في أي مكان خارج طيبة.
أجابت بخفوت وهي تتلفت حولها: إنها مغامرة كبيرة وإن فشلت فستكلفنا رقبتنا.
فأمسك بيدها وربّت عليها ثم قال: إطمأني حبيبتي، سأتولى الأمر بالكامل إلا تزيينها؛ فهو من اختصاصك أنتِ.
فلم تجد (نبت) بدًا إلا أن توافق على هذه المغامرة، فهي آخر حبل أمل سينقذ ذلك الحب.
بدأ (حور) في نحت هذه العروس الخشبية (الدمية) متقنًا نحت ملامح وجهها الذي يحفظه عن ظهر قلب.
مرت فترة حتى انتهى(حور) من نحت الدمية الخشبية التي تشبه (نبت) في ملامحها تمامًا، ثم بعث إليها بالدمية لتقوم بتزيينها و إرتدائها لفستانٍ رائع ثم قاما بإخفاء الدمية (نبت).
وتقرّبا الإثنان (حور) و ( نبت) من الإله (آمون) بصفته كبير الآلهة آنذاك وقدموا مزيدًا من القرابين؛ ليقوم بترضية الإله (حابي) فلا يغضب من فعلتهما.
وجاء يوم الإحتفال و قد إرتدت (نبت) فستان من الحرير الأبيض ضيق، له حزام من الذهب، قلادة من الذهب المرصّع بالأحجار الكريمة، سوارين من الذهب في ذراعيها، وشاح كبير يغطي كتفيها و مربوطًا من الرقبة، وعلى رأسها (باروكة) مضفّرة بأسلاك الذهب، تولت هي أمر تزيين وجهها بمساحيق التجميل، ارتدت أظافر مستعارة مصنوعة من الذهب مثبتة كخاتم… و صارت (نبت) على أتم إستعداد، صارت أجمل عروس.
بدأت مراسم الإحتفال بحضور موكب الفرعون، كبار الأعيان بطيبة، كبار كهنة المعبد ليشرفوا على تسليم العروس لـ(حابي)، كان بالموكب الكثير من الهدايا التي سترسل مع العروس لـ(حابي)، بالإضافة لفرق العزف المختلفة لتحيي الإحتفال.
حتى وصلت (نبت) لمكان إنزالها إلى المركب التي ستكمل موكبها لنقطة قذفها في ماء النيل، و في تلك اللحظة كان (حور) متخفيًا ومعه الدمية الخشبية الشبيهة لـ(نبت)، قام بتبديلها مع (نبت) بسرعة، خلعت (نبت) ذلك الوشاح، وضعته على كتفي الدمية و ألبستها (باروكتها) كل ذلك قد تم في لحظاتٍ قليلة.
صارت الدمية الخشبية هي التي فوق المركب لتكمل الإحتفال على أنها (نبت)، حتى وصلت لنقطة الإنزال فتم دفعها في ماء النيل وهكذا ظنوا أنهم قد سلموها عروسًا لـ(حابي).
بينما إبتعد (حور) و (نبت) لمكان بعيد معًا ليبدءا حياتهما ويُكلل هذا الحب الرائع بزواج يجمعهما طوال حياتهما.
تمت 🌷
تعليق الكاتبة:
وجدير بالذكر أن حكاية عروس النيل قد اختلف حولها الكثير فمنهم من شكك فيها من الأثريون وأنها كانت مجرد أسطورة لا صحة لها بل كانت تقذف دمية خشبية فقط وليست فتاة جميلة مزينة ؛ واستندوا إلى ذلك من كون أنه لم يكن من عادة المصريون وقتها التضحية بالبشر.
ومنهم من أقر بها وأنه كان بالفعل يُقذف بفتاة وكأنها تُزف ل (حابي) عروسًا؛ مستندين في ذلك لموقف (عمرو بن العاص) الذي رفض هذه العادة المصرية في قذف الفتيات وموتها غريقة وبعثه لأمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) آنذاك الذي أقر برفض تلك العادة لأن:
«الإسلام يجُبُّ ما قبله»
🌷 سعدت بحسن متابعتكم،
🌷 وإلي اللقاء مع كتابات أخرى،
🌷 تحياتى
التعليقات مغلقة الان