قصة الفنار المنسى (فنار راس غارب )

                          نقلا محمد جمال عبد القادر ونشوى عبد الرحيم

                                                                     الاهرام المسائي                                                                     
يعتبر فنار رأس غارب الموجود بمدينة رأس غارب إحدي مدن محافظة البحر الأحمر واحداً من أقدم فنارات العالم وهو إرث وتراث وتاريخ وأول ما بني بالمدينة بل قبل إنشاء المدينة بفترة كبيرة وقد تم إنشاؤه في عام 1871 م علي يد الفرنسي الشهير جوستاف إيفل وهو بالطبع غني عن التعريف فهو صاحب البرج الشهير بمدينة النور الفرنسية باريس والذي يعتبر إحدي عجائب الدنيا السبع إضافةً إلي أحد أهم ما صمم وأنشأ في قلب الوطن العربي مصر وبالتحديد بالقاهرة ألا وهو كوبري أبوالعلا.
ويقع الفنار علي دائرة 28.213 درجه شمالا وخط طول 33.68 شرقا ويقع الفنار بمنطقة السقالة بمدينة رأس غارب وكان الغرض من إنشائه هو إرشاد السفن وإبعادها عن مناطق الشعب المرجانية وقد تم تشييد الفنار علي 3 محاور مقامة علي يايات (سوست) وذلك لمقاومة أي اهتزازات أرضية محتملة بالمنطقة ويبلغ ارتفاع الفنار نحو 50 مترا من سطح الأرض أي ما يقارب مبني بارتفاع 16 طابقا وخامة تصنيعه بالكامل من الحديد الأحمر ونظام إضاءته هو شعاع متقطع عبارة عن 4 ومضات من النور ثم ظلام لمدة 30 ثانية وذلك للتمييز بين الفنارات المختلفة ويري ضوء الفنار من علي بعد نحو 30 ميلاً بحريا أي نحو 55 كم.
هذا ومنذ فترة ويكافح أبناء مدينة رأس غارب لدي وزارة الآثار من أجل تسجيل الفنار ضمن الآثار الإسلامية وذلك لعدة اعتبارات من وجهة نظرهم منها أن هذا الفنار جزء من تاريخ المدينة فهو أول ما تم وضعه بمنطقة رأس غارب عام 1871م كما أن ما يدعم طلبهم في تسجيله ضمن الآثار الإسلامية هو مرور أكثر من 100 عام علي إنشائه كما ينص القانون وهدفهم من ذلك وكما يؤكدون تطبيقاً لمقولة الحفاظ علي التاريخ لنبدأ معاً رسم المستقبل هذا وقد إلتقت الأهرام المسائي من جانبها مع عددا من أبناء مدينة رأس غارب المهتمين بهذا الموضوع حيث استمعت منهم عن قصة هذا الأثر التاريخي والذي تم إهماله من قبل المسئولين ومعرفة آخر ما تم من المجهود المبذول منهم من أجل نظرة الدولة واهتمامها به مرةً أخري.
في البداية يقول حسام موسي – أحد أبناء مدينة رأس غارب – في لقائه بالأهرام المسائي بداية أوضح أن اهتمامنا بفنار رأس غارب نابع من أهمية الحفاظ علي صرح تاريخي بل وأول ما تم وضعه في مدينتنا الحبيبة فهل يكون مصيره الإهمال الذي يعصف به من قبل المسئولين بالدولة فأنا لا أنسي أول زيارة لي أنا وزملائي إلي هذا الصرح التاريخي العظيم حيث قمنا بعد ما سمعنا من أهالي المدينة والذين تعدوا الثمانين من عمرهم عن قصة هذا الفنار بزيارة خاصة لموقع الفنار وكان هناك الفنار القديم بشكله الأثري الخلاب وأيضاً الفنار الحديث الذي تم إنشاؤه عام 1985 وقابلنا في أثناء الزيارة حارس الفنار والذي يعمل بالفنار منذ عام 1984وطلبنا منه أن نلتقط مجموعة من الصور للفنار القديم من الداخل الصور وعمل معنا كمرشد سياحي حيث وجدنا بالداخل ماكينة الديزل التي كان يعمل بها الفنار وشاهدنا غرفة مأمور الفنار والبوابة البحرية التي كان يرفع عليها علم الدولة لاستقبال السفن التي تمد الفنار قبل قيام المدينة بالمؤن والمياه ومن أهم المعلومات التي عرفناها أن السقالة الخشبية الموجودة بالمنطقة تتبع هيئة المواني وأنها كانت المرسي الوحيد بالمنطقة وتم إنشاؤها مع إنشاء الفنار وللأسف فقد تحطم منها جزء كبير جداً ولم تعد صالحة للاستخدام.
ويلتقط طرف الحوار زميله مصطفي أمين – أحد أبناء المدينة – يقول: بالطبع كانت جولة لا تنسي فقد دخلنا إلي الفنار وكان احساسا غريبا فالمكان يخيم عليه نوع من أنواع الغموض في مشهد يوحي بأن التاريخ يتحدث عن نفسه حيث وجدنا البوابة الداخلية للفنار كبوابات السفن القديمة وعلي يمينها يوجد لوحة تخص الأكاديمية العلمية للبحث العلمي والتكنولوجيا وبها بعض الحروف غير الظاهرة مما صعب علينا عملية الترجمة وبعدها يوجد السلم الداخلي للفنار وهو من الحديد أيضاً والصدأ يعلوه من أوله إلي آخره ولا يسكنه اليوم سوي بعض طيور الحمام الجبلي وبعد ذلك صعدنا إلي أعلي والتقطنا صوراً للمنطقة من ارتفاع نحو 35 مترا ولم نستطع أن نكمل حيث اكتشفنا أن بعد ذلك يوجد خطورة من بلكونات الفنار والتي أتعبها الزمن وكما يقال أكلها الصدأ ويكمل زميلهم أحمد حفني حيث يقول التقينا في أثناء الزيارة ضابط اللاسلكي المسئول عن الفنار الجديد حيث أبلغنا بأن أجهزة الفنار الجديد تعمل أوتوماتيكيا وأن الوضع بالطبع اختلف اختلافا كلياً عن الفنار القديم ووسائل عمله وذلك حرصا علي سلامة الملاحة الدولية التي قد تتعرض لها بعض السفن في مناطق الشعاب المرجانية.
و يضيف حفني الشيء المؤسف أن الفنار القديم قد أحيل للمعاش عام 1987 بعد بناء الفنار الحديث وقد أكد الخبراء الفرنسيون الذين قاموا بتركيب الفنار الجديد في ذلك الوقت أن الفنار القديم كان يتميز بكفاءته ومتانته وأشادوا بدقته وإمكانياته وأن له مثيلا بالزعفرانة ودمياط ورشيد والبرلس.
ويعود حسام موسي للحوار حيث يقول يعتبر الفنار جزء من التاريخ فهو اول ما تم وضعه بمنطقة رأس غارب عام 1871 وقد بدأنا منذ نحو 3 سنوات في السعي لتسجيل الفنار ضمن الاثار الاسلامية كما ينص القانون حيث انه مر عليه اكثر من 100 عام وبدأت الاتصالات بوزارة الاثار من خلال مساعدة الاستاذ كمال عباس مسئول العلاقات العامة بمجلس مدينة رأس غارب وقد تمت الاستجابة وزارت لجنة من الاثار موقع الفنار القديم وتم الرفع المساحي والمعاينة ونحن الان في انتظار العرض علي اللجنة الدائمة بوزارة الاثار لإدراجه كأثر يحكي لنا الجزء الاكبر من تاريخ مدينة رأس غارب وكل هدفنا هو الحفاظ علي التاريخ لنبدأ معا رسم المستقبل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان