فعل عظيم … احصل على السعادة.

معتز صابر

كاتب وروائي

ومدرب تنمية  بشرية

إذا سألت أي إنسان في أي مكان، وفي أي زمن كان، ومهما كانت ظروفه أو حالته، عن ماذا يتمنى أو ماذا يريد أو على ماذا يود أن يحصل، ستكون الإجابات كلها وإن تعددت تصب في شئ واحد، وستجد الجميع يريد من وراء ما ذكره في إجابته هو: الحصول على السعادة، سواء كانت إجابته المال أو البيت الواسع أو الزواج أو سيارة فارهة أو عمل أو حتى التخلص من حالة سيئة يعيشها.

والكثير من الناس ستكون إجابته تتعلق بالمال أو بالثراء، وكما قلت هو يود من ذلك الحصول على السعادة، وقد تكون أنت أيضا تود الحصول على الكثير من المال وأن تصبح ثريًا لتحصل في النهاية على السعادة التي تبتغيها، وإذا كنت كذلك فأول القواعد للحصول على الثراء أن تشعر أولا بثرائك الحقيقي، فكل منا ثري سواء علم بذلك أو لم يعلم، فزوجة تحبها ثراء، عمل كنت ترغب به ثراء، مال معك هو ثراء، شراؤك لسلعة ما أو خدمة ما كنت ترغب بها ثراء، لعبك مع أولادك ثراء، مشاهدتك لمنظر الغروب الذي تستمتع به ثراء، أصدقاؤك ثراء، قضاء وقت في شئ تستمتع به هو ثراء، أشياء كثيرة تمتكلها أو لحظات كثيرة تعيشها هي ثراء سواء شعرت بذلك أو لم تشعر … ولأؤكد لك أنك فعلا تملك ثراء داخلك، قل لي لماذا تريد المال؟ بالتأكيد لتحصل على أشياء ترغب بها أو تعيش لحظات وأوقات كما تود، وإذا بحثت عن نفسك الآن ستجد أن منها ما تمتلكه فعلا أو يمكنك أن تعيشه دون الحصول على المزيد من المال، كالاستمتاع بوقتك مع أطفالك أو أصدقائك أو لمشاهدة منظر الغروب الممتع، لا أقول أنك ثري بالقدر الذي تريده، لكنك تمتلك جزءًا من ذلك الثراء – وقد يكون جزءاً كبيرًا –  لكن عليك أن تعرف معنى الثراء بالنسبة لك أولاً، ثم تبحث عما عندك من ثراء وتستشعره، ثم تقرر بعد ذلك أن تزيد من ثرائك، ولكن قبل أن تقدم في الحصول على المزيد في الثراء، عليك اولأ ان تمتن وتشكر وتحمد الله على ما عندك، هذا سيشعرك بالرضا وسيشعرك بقيمة الثراء الذي عندك فعلا، وستحصل على ما نتكلم عنه وهو الشعور بالسعادة.

وإذا سألتك السؤال ذاته الذي سألته في بداية المقال، ما الذي تريده أو تتمناه أو تود الحصول عليه .. في النهاية ستكون إجابتك كالآخرين تصب في الوعاء ذاته، ألا وهو الشعور بالسعادة … إذن فالسعادة الحقيقة تكمن من داخلك، وليس من مال ولا من عمل ولا من رفقاء – هذه من الأسباب التي توصلك للشعور بالسعادة وليست هي السعادة ذاتها، كما أنها ليست وحدها التي ستشعرك بالسعادة – إنما تستشعر لحظات سعادتك فعلًا بعيش حياتك كما تحب أن تعيشها.

والآن سأخبرك بذلك الفعل العظيم والذي ستحصل منه أيضًا على السعادة – كما هو واضح من عنوان المقال – هذا الفعل هو: (مساعدة الاخرين) …

جيمي كارتر – الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية – هذا الرجل وصل إلى أعلى منصب في عصرنا الحالي، هذا الرجل بعد أن أنهى مدة رئاسته ماذا فعل؟ بالطبع هو يملك المال، لديه راتبه الشهري الجيد، له مكانة اجتماعية كبيرة، مشهور، يمتلك منزلا جيدا وسيارة يحلم بها الكثير … لكن هذا الرجل لم يرض أن يحيل عمره وحياته المتبقية إلى التقاعد، فقام هو وزوجته بإنشاء مركز كارتر، هذا المركز له العديد من الخدمات، تلك الخدمات كلها تركز على شئ واحد ألا وهي مساعدة الآخرين، هذا الرجل في نظري يعيش حياته على طريقته كما يود، هذا الرجل حصل على الثراء فعلا، هذا الرجل في النهاية يحصل على الشعور بالسعادة كلما أنجز مهمة ما في مساعدة الآخرين.

عبر صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي: الفيس بوك، سألتني امرأة سؤالا تريدني أن أقوم بمساعدتها حياله، فلما أجبتها شكرتني وكانت تدعوني (دكتور)، فأخبرتها إني لست دكتور، فدعت الله لي بأن أحصل على الدكتوراه كفلان وفلان – ودعوتها هنا كانت تحمل نتيجتين كبيرتين: الحصول على الدكتوراه، والشهرة في مجال التنمية البشرية – ودعوتها لي كانت أكبر بكثير من المساعدة التي قدمتها لها – كذلك شاب آخر سألني شيئاً في حياته يريد أن أساعده في اتخاذ قرار له – طبعا لن أملي عليه قراره، فهذه حياته هو – لكن ساعدته بقدر ما استطعت، في النهاية شكرني ذلك الشاب وتمنى لي الخير … طبعا أن تعمل ما تحبه ذلك يشعرك بالسعادة، لكن أود هنا أن أظهر جانبا آخر غير السعادة تحصل عليها من مساعدة الآخرين، وهو أنك ستجني أكبر مما قدمته لمساعدة الناس كالتي حصلت عليها أنا، مثل تلك الدعوة أو أن يتمنى لك الآخر الخير.

أيضاً مما ستحصل عليه من مساعدة الآخرين هو حب الناس لك أو أن تحصل على تقديرهم واحترامهم، أو أن يتمنى لك الآخرون الكثير من الخير دوما وأن يزيدك الله مما معك، والكثير والكثير.

فمساعدة الآخرين تزيد من تجاربك، والتي تزيدك معرفة ومع استمرارك تتعلم وتزداد علما، ومساعدة الآخرين تزيد من علاقاتك، مساعدة الآخرين تجلب لك حب الناس، ثم تزداد شهرة في المجال الذي تساعد فيه، وبعدها تجد المال هو الذي يبحث عنك، فالكثير والكثير يأتي من مساعدة الناس … فمساعدة الآخرين ثراء، ومساعدة الآخرين فعل عظيم، ومساعدة الآخرين تشعرك بالسعادة.

في كتابه البديل الثالث، ذكر ستيفن كوفي أنه حتى لا يصيبك مرض التقاعد – حيث تقضي بقية حياتك دون عمل أي شئ، كالكثير من العمال والموظفين بعد تقاعدهم، وهو ما أسميه: الحكم على النفس بالموت أو بالنفي من الحياة – عليك أن تعيش بالنغمة التصاعدية، وهي أن تظل تعمل وتعمل وتعمل كالموسيقى المستمرة في أدائها دون تباطئ، فإذا أخذت الموسيقى في التباطئ فإن ذلك يعني أنها أوشكت على الانتهاء، كذلك حياتك إذا استمرت على تلك النغمة التصاعدية فإنك تعيش حياتك كلها دون أن تحيل نفسك إلى التقاعد أو إلى النفي والتي تسبب نتائج سلبية كبيرة منها مرض الزهايمر على سبيل المثال، فإذا تباطأت موسيقاك فإن حياتك تتباطأ، ثم تنتهي حياتك تبعا لنغمتك التي تنهيها بنفسك، وتلك النغمة التصاعدية المستمرة تكون بالعمل فيما تحب، وتقديم المساعدات للآخرين، ولايحتاج مني الأمر أن أخبرك أن مساعدتك للآخرين ستكون في الأشياء التي تحبها أو تود الإضافة فيها.

وفي رواية (نهاية حب) قال أولينين – بطل الرواية – أن السعادة تكمن في البذل والعطاء للآخرين …. نعم مساعدة الآخرين تجلب لك السعادة، لكن كما ذكرت فإن مساعدة الآخرين لها نتائج وثمار أخرى غير السعادة ..

والآن فكر كيف تود أن تحصل على ثرائك وسعادتك.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان