رواية ” روح الفؤاد ” الفصل السادس

بقلم :نهال عبد الواحد

ذهب أيمن وإيمان ومعهما روح وزينب لشراء شبكة العروسين وتابعها عدد من المشاوير الختصة بالعروس والتي كانت تذهب معها روح.

حتى جاء يوم الخطبة وكانت روح أنيقة جدًا ذلك اليوم لكنها تبدو متعبة وشاحبة الوجه، كانت العروس جميلة بفستانها البسيط والسعادة بادية على وجهها هي وأيمن كما كانت تلك السعادة مرسومة على وجه روح وأخيهما حامد وبالطبع زينب التي تحب أيمن وتقدره وترحب به وبأخلاقه دائمًا.

و وسط كل هذه السعادة وصل نادر لكنه قد لاحظ تواجد زينب وعندما سأل أيمن فأخبره أنها خالة العروس و ولية أمرها بعد وفاة والديها فشحب لونه وتلون بألف لون، فهو يعرف أنها تعرف عنه الكثير وحقيقة تكرار نقله من مدرسة إلى أخرى وفعلاته القذرة المتكررة فاختفى من الحفل فورًا دون الإحتكاك بأيِّهم وقد أدهش سلوكه هذا روح لكن لم تطول دهشتها هذه ربما توقعت السبب، لأن المفترض أن نادر صديق أو على الأقل زميل للعروسين لكنه ابتعد عن أيمن منذ زواجهما بشكل ملفت لروح.

وقد لاحظ أيمن اختفاء نادر فأيقن السبب كما أدركته زينب وإيمان واستحسنوا هذا التصرف فهو على أية  حال شخص غير مرغوب فيه.

وعادت روح للبيت بصحبة أخيها حامد الذي لاحظ تحول حالتها بمجرد خروجها من الحفل لكنها تحججت بإرهاقها في الآونة الأخيرة خاصة في تجهيزات ما قبل الخطبة.

مرت عدة أيام وقامت زينب بدعوة أيمن وإخوانه على الغداء وقد تحجج نادر وتهرب بالطبع لألا يذهب وكان هذا التهرب واضح جدًا لروح وأيضًا للآخرين لكنهما في الأصل لم تلحا في حضوره بل ذُكر كأداء واجب وعندما ذهبت بمفردها لم يسألها أيُّهم عن عدم حضوره ولا حتى أيمن الزميل.

كانت تراود روح أفكارًا كثيرة و تتداخل حول أسباب تدهور العلاقة بين أيمن ونادر، كيف أصبح أيمن لا ينطق بإسمه نهائيًا ولا حتى على سبيل الصدفة بعكس حاله من قبل فكان لا يكف عن الحديث عنه.

كل تلك الأمور بعدت المسافة بين روح ونادر بل يكاد لم يصبح هناك أي نقطة التقاء مما أدى لروح أن تعيد تقييم تلك العلاقة التي على شفا جرفٍ هار.

وذات يوم إذ كانت روح تجلس كعادتها تشاهد التلفاز عندما عاد نادر ليلًا متحججًا بأنه يعطي مجموعات للتقوية وكانت روح منذ زمن قد انتهت من الإتصال به بعكس ما كانت تفعله في السابق وكأنهما قد صارا زوجان لأعوامٍ طويلة وليس مجرد بضعة أشهر لكنها كانت أثقل ما يكون، حتى أن الأعوام الطويلة لا تكون بذلك الجفاء.

دخل نادر البيت ولم تلتفت روح إليه إطلاقًا ولم تبدأ بأي حديث وصار ذلك هو المعتاد يوميًا، لكنها اليوم وجدته فجأة جلس جوارها وقد لمحته بطرف عينها لكن لم تكترث له رغم أنه لم يفعلها منذ زمن بعيد فلم يعد يجاورها في أي مكان ولا حتى في الفراش.

فناداها: روح! ماذا بك؟

روح وهي تنظر للتلفاز دون إهتمام : ماذا بي؟!

فشبك ذراعيه أمام صدره وأردف بعدم رضا: أنا الذي أسأل.

تابعت بعدم إكتراث: وماذا تريد؟

– ماذا بك؟! لقد ابتعدتي تمامًا فلم تعودي تصدّعيني بكثرة كلامك وطنينك ومكالماتك ولا ذاهبة خلفي في أي مكان تلتصقين بي كالذبابة السخيفة!

يالك من رجل وقح!  حتى الكلام صرت لا تجيده!

فتمالكت روح نفسها و ردت ببرود: لأني لست بذبابة فلم أعد أطن ولا ألتصق بأحد.

فسكت فأكملت بجدية: إسمعني يا نادر! أيًا كان سبب زواجنا، لكن ما نحياه الآن لا يشبه حياة الآدميين، ربما سلكت طريقة الحنان والإهتمام الزائد والتدليل، لكن أنا عندي كرامة وأنت لم تقدّرني فانتهيت عن كل شيء، ورغم ذلك لم تتحرك أو يفرق ذلك معك في أي شيء وكأنه كان حملًا ثقيلًا وقد أزيح أخيرًا، لكن إنّ لصبري حدود، وليتك تخبرني على ماذا تنوي لأني مللت وتعبت من هذه الحياة.

نادر: ماذا جرى يا روح؟ أنت تعلمين ظروفي جيدًا من البداية وأنا لم أقصّر في شيء، ماذا ينقصك؟ أم هو مجرد جحود وبطر؟ ويوميًا أعود أجدك تشاهدين مسلسلاتك ولا تكترثي لي و تتركيني أذهب لفراشي وحدي.

فصاحت فيه: آه! هذا كل ما يزعجك! أعتذر عن هذه الأمور في الوقت الحالي.

فرفع إحدى حاجبيه بتذمر ثم أكمل: ولماذا إذن؟! ألست بزوجك ولي حقوقي؟!

– ولأنك لازلت زوجي فسأعطيك فرصة، آخر فرصة وضع ألف خطًا تحت آخر فرصة هذه، ربما نبدأ من جديد ونصارح بعضنا بعضًا ونكون زوجين طبيعيين وإلا فلينتهي كل شيء.

– إنتهى عن هذه الفلسفة! وهيا بنا لأني أريدك في أمر ما.
قال الأخيرة وغمز لها.

فتنهدت بفرغ صبر ثم أردفت بتثاقل: كأني أتحدث بلغة أخرى! أنا أعطيك آخر فرصة حتى تراجع فيها نفسك وتصحح أخطاءك وسأسامحك ونكمل معًا حياتنا، لكن وحتى ذلك الوقت سيبقى الحال على ما هو عليه.

فصاح فيها: لا! هذا جنون!

– لقد قلت كل ما لدي وغير هذا لا كلام ولا حديث، عدّل نفسك ثم تعال ووقتئذٍ سنتفاهم لكن غير ذلك أعتذر وبشدة.

– هل تريدين الطلاق؟!

– حتى الآن لم أبيعك يا نادر وأكرر أعطيك آخر فرصة لك، رجاءً أحسن استغلالها لأنها لن تتكرر، أرجو أن تفهم كلامي جيدًا قبل فوات الأوان.

فصاح فيها: لا فلتسمعيني…….

فقاطعته رافعة صوتها: لقد قلت آخر ما لدي وانتهي الكلام.

وتركته وذهبت لتنام وكأن الكلام قد وقف في حلقه، رأت روح أن ذلك كل ما في وسعها وأقصى ما لديها وعليها أن تنتظر وتظل على ثباتها وقوتها مهما كان.

مرت عدة أيام وقد عرض أيمن على روح رغبته في دعوة إيمان وخالتها على الغداء وذلك سيلزم منها تواجدها لإعداد البيت وإعداد سفرة مميزة لهما وقد رحبت بشدة.

ورغم ذهابها لهما بشكل شبه دائم  من أجل تنظيف البيت والطبخ إلا أن هذه المرة هي خاصة جدًا.

ذهبت روح اليوم السابق ليوم الغداء لتعد البيت وتعد أشهى المأكولات وقد أعدت بالفعل سفرة مشرّفة فاجأت بها إيمان وخالتها فلم تتوقعا براعتها لهذه الدرجة فقد أعدت بط بطريقة خاصة، لحم استيك محمر بالبصل، رقاق باللحم المفروم، طاجن أرز بالكبد والقوانص في الفرن، ملوخية مع بعض المقبلات والسلطات، والحلو (تشيز كيك).

كان كل شيء أكثر من رائع معد ومقدم ولا أفخم بوفيه في أفخم فندق، لدرجة جعلت إيمان أخرجت هاتفها وسجلت مقطع صوتي لروح وهي تشرح لها كيفية صنع كل صنف بتلقائية وتواضع كبير، وذلك لتتدرب على الطبخ في البيت ثم تصنعها لأيمن عندما يجئ زائرًا لهما أو في بيتهما المستقبلي.

انتهى اليوم والجميع سعداء ولازالوا منبهرين بتلك السفرة الرائعة، وقد تبقّى الكثير من الأطعمة فقسّمته روح لعدة وجبات تكفي أخويها لأيام عديدة على أن يخرجا كل وجبة على حدى حتى لا يفسد الطعام.

وعادت روح للبيت وكانت في قمة إعياءها فقد كان حقًا مجهودًا شاقًّا، لكن ذلك ليس من المجهود بل هو تعب متراكم منذ فترة وقد ذهب حدسها في إتجاه ما فذهبت على أثره لأقرب صيدلية واشترت اختبارًا للحمل وذهبت به للبيت وبمجرد أن دخلت شقتها بدلت ملابسها و استخدمت الاختبار وتفاجأت بالنتيجة وكانت…………

انتظرونا مع باقى الأحداث والفصل السابع

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان