رواية ” روح الفؤاد ” الفصل الثانى
بقلم :نهال عبد الواحد
وذات يوم كانت روح تجلس تشاهد التلفاز وتأكل التسالي (اللب) فدخل عليها أخيها أيمن وقد جاء توًا من الخارج.
– كيف حالك عزيزتي؟!
فأهدرت بسعادة: أيمون! حمدًا لله على سلامتك! إنتظر حتى ينتهي المسلسل ثم أعد لك الغداء.
– يا إلهي ما هذا التركي الذي كاد يذهب بعقلك أختي، لا يوجد مثل ذلك في الحقيقة لا تتوهمي!
– والله! كأني لم أكن على علم بهذا! هل تظن لمجرد أني أتابع مثل هذه المسلسلات أني أنتظر مثل تلك الرومانسية والحب الجارف، يا عزيزي لا يوجد رجل هكذا، إنظر! حتى هذا الحبيب ستجده في الواقع يمرر عيشة زوجته ويسيء إليها، اللعنة على الرجال جميعًا!
و التفتت لأخيها الذي يحملق فيها ثم قالت: قد تكون زوجًا حنونًا أخي، أيرضيك هذا؟
– إنتبهي إليّ قليلًا يا روح!
فأطفأت التلفاز وقالت بتأفف: أعلم أني لن أحظى بمشاهدة ممتعة الآن، سوف أرى الحلقة في إعادتها في وقت لاحق ، ما الخطب؟ كأنك تريد أن تقول شيء!
أيمن: هناك من كاد يموت حتى تنظري له وتهتمي به ولقد فاض الكيل به وحدثني بشأنك.
فقالت وهي تأكل اللب بلا مبالاة: ليس للميت سوى المقابر، فليبحث عن مقبرة ويدفن نفسه فيها.
ثم أكملت أكل اللب.
فتنهد بقلة حيلة ثم تابع: روح! إنتهى عن هذه الطريقة! أنت بذلك تبعدين كل من يحاول التقرب إليكِ أختي، متى ستتزوجي عزيزتي؟
– كأني صرت عبئًا عليكم!
– كلا والله! هل كل من تتزوجن هن عبئًا على أهلهن؟ أعطيه فرصة، فربما….
– ربما ماذا؟ وأعطي لمن الفرصة؟
– نادر زميلي في المدرسة، ولقد رأيتيه وعرفتيه، ألم تشعري به وبحبه؟!
– نعم رأيته، لكني لم أعرفه ولم أشعر بشيء.
– إذن فلتعطيه فرصة وتعطي لنفسك أيضًا، ربما عندما تعرفيه جيدًا تحبيه أنتِ أيضًا.
فتأففت وسكتت.
– ما رأيك لو دعوته في البيت هنا وتجلسا معًا وتتحدثا سويًا فربما يحدث كل خير ويحدث التفاهم، يمكن أن نقرأ الفاتحة في البداية ثم نأخذ باقي الخطوات تدريجيًا.
وبعد حوارٍ طويل اضطرت روح للموافقة وسعد بذلك أيمن، وبالفعل جاء نادر و تمت خطبتهما، أظهر لها من الرقة والحب ما يذيب القلب ورغم أنها بدأت تميل نحوه بعض الشيء إلا أن قلبها لم يتحرك بعد.
ومرت عدة أشهر وذات يوم طرق الباب ففتحت روح و فوجئت بنادر أمامها.
فصاحت بفجأة: نادر!
فأجاب بسخافة: مساء الفل على أجمل الجميلات!
فقالت بتوجس: مساء الخير.
فتحسس شعرها واقترب بنظرته المتفحصة تلك و الواضحة لروح ثم قال: هل سنتحدث هنا أمام الباب؟
ثم نزل بيده من شعرها إلى خدها فنظرت نحوه بحدة ودفعت يده وعادت خطوة للخلف وقالت بجدية: معذرة! فأنا وحدي هنا.
فقال وهو يهم بالدخول: كنت أمر بالصدفة فقررت أجيء وأسلم عليكِ.
فوضعت يدها تسد عليه الطريق قائلة في صرامة: عندما تمر صدفة مرة أخرى فلتتصل وتتأكد من وجود رجال بالبيت، أو ربما يكون الوقت غير مناسب لاستقبالك.
فتفاجأ قائلًا: ماذا تقولي يا روح؟أنا خطيبك وسأكون زوجك.
– لكن ذلك لم يحدث بعد، معذرة.
وهمت بغلق الباب فمسكه نادر وقال: هل ستغلقيه فعلًا؟
– وهل كنت تظن أن بإمكانك أن تطأ قدمك للداخل ولا رجل بالبيت.
ثم أكملت محذرة: إياك وأن تلعب معي هذه اللعبة مرة أخرى!
وأغلقت الباب و وقف نادر بعض الوقت يطرق مجددًا ظنًا منه أنها تمزح لكنها لم تفتح، وتكررت مثل تلك الزيارات وهي منفردة ولم تكن تفتح أو ترد حتى من خلف الباب وتتركه يطرق الباب وهو يتأكد من وجودها بالداخل، لكن لافائدة من هذه الطريقة معها.
ثم تصنّع الغضب وانقطع عن زيارتهم أو المحادثة تليفونيًا حتى لاحظ أيمن ذلك البعد وتلك الفجوة فدعاه أيمن ذات يوم للبيت واضطرت روح أن تخرج للقاءه ثم جلست بلامبالاة و وضعت ساقًا فوق الأخرى.
فتسآل أيمن بهدوء: هل لي أن أعرف ما الخطب بينكما؟ كأنكما متخاصمين! ماذا حدث؟
فأجاب نادر: الحكاية كما ترى، أنا لا أعني لها أي شيء، لا يهمها وجودي أو غيابي أو حتى غضبي، لم تسأل عني أبدًا ولم تحاول حتى إرضائي.
فصاح أيمن: ما هذا يا روح؟!
فلم ترد واكتفت بهز ساقها بلا مبالاة.
– كما ترى أمامك، تتجاهلني بلامبالاة.
فتسآل أيمن: وماذا بعد يا روح؟
فتنهدت روح بتأفف: وماذا بعد؟ السيد المحترم جاءني زائرًا بحجة أنه قد مر بالمصادفة وكنت وحدي بالبيت فلم أرحب به أو أدخله، فغضب وألقى باللوم عليّ.
فأجاب أيمن: كنتِ أدخلتيه واتصلتِ بي أجيئك في الحال.
فصاحت روح: والله! لا يا أخي هذا لا يجوز، لم ولن أفعلها هكذا الأصول والأعراف وهكذا تربيت، ومن لم يرضا فلا أبالي له.
فتدخل نادر: وماذا أفعل من أجلك الآن؟ روح إني لم أشعر يومًا بكوني خاطبًا فأنت دائمًا تصديني، لكن يبدو أنك لم تحبيني مثلما أحببتك، وإلا لكان بعدي أتعبك.
فنظرت له وهمت واقفة لتتركهم فأسرع نادر إليها يحاول استرضاءها فمسك بيدها: ليتك تشعري بي يا روح، فأنا أحبك، ولا طاقة لي للعيش بدونك أو بعيدًا عنك، كيف لا تشعري؟! إن كان ذلك التصرف قد أغصبك مني فلن أعيدها مرة أخرى، أيرضيكي هذا؟
ثم قبل يدها وقال: لن أغضبك مرة أخرى.
ثم قبل جبهتها وقال: صافي يا لبن.
فهزت برأسها أن نعم فضمها إليه لكنها أفلتت نفسها منه ولا تعلم لماذا لا تطيق يده تلك!
فتركها وجلس قائلًا: فلنبدأ في الكلام في موضوع هام.
فأجاب أيمن: خيرًا!
فتابع نادر: أريد تحديد موعد لعقد القران والزفاف.
روح بفجأة: ماذا؟!
فأكمل نادر: لقد كان الإتفاق أن نتزوج في نفس شقتي وعلى نفس الأثاث وسأغيره تدريجيًا تبعًا لإمكانياتي.
فتابعت روح بموضوعية: لم أقصد الماديات يا نادر.
فتسآل نادر: إذن لِم لا ترحبين بفكرة زواجنا؟ أنت لا تعطيني فرصة للجلوس معًا وتتحججين بالأصول والأعراف وهذا يصح وهذا لا يصح.
فتابع أيمن: فعلًا يا روح، أراكِ تضيقين على الرجل وتأزمي الأمر باستمرار، فلماذا التأخير؟ ستقولي للزواج الشرعي لا؟!
فتوترت روح قائلة: أيمن رجاءً….
فأسرع نادر قائلًا: حبيبتي هذا الخوف والقلق هو شعور طبيعي لدي أي فتاة مقدمة على الزواج، وسأثبت لك كم كنتِ مخطئة.
لكن بعد طول نقاش انتهى الأمر بتحديد موعد عقد القران والزفاف، وكان في موعد يلائم أجازة أخيها حامد من الجيش.
وتزوجت روح من نادر وكان بالفعل رقيقًا وفياض المشاعر معها و قد أسعدها ذلك بالفعل، لكن بمجرد مرور أسابيع حتى تحول وتبدل تمامًا فكأنما قد زهد فيها ولم يعد يريدها بعد أن تمتع بها واكتفى منها ، ومهما اهتمت به وتدللت لا تجد سوى الجفاء وسوء المعاملة.
لقد بدأها نادر باكرًا، فهما من المفترض حديثي الزواج من بضعة أشهر فقط فكيف يحدث هذا الجفاء؟!
ماذا تنتظري إذن يا روح؟!
هل تنتظرين أن يتطاول عليك و يبدأ في إهانتك؟!
لا لن يكون هذا الأمر أبدًا.
مؤكد أن طريقة الإهتمام والتدليل الزائد هذه طريقة خاطئة ولا تناسبه، إذن فلتتغير هذه الطريقة ولنرى.
أتمنى أن يكون هذا الإحساس الذي يراودني دائمًا هو إحساس خاطيء، وأن كل ما أعاني منه ليس سوى تضارب في الطباع ليس إلا.
هكذا تحدث نفسها وتمنيها……………
انتظرونا فى باقى الفصول..
التعليقات مغلقة الان