رواية ” حسن وست الحسن والجمال ” الفصول من الخامس إلى الثامن للأديبة نهال عبد الواحد
الفصل الخامس
ذهبت جميلة عائدة للمنزل، تطير من السعادة فتلك المرة الأولى التي تشعر فيها بمشاعر هكذا……. ويقترب منها هكذا ثم همست لنفسها: آه منك يا ابو علي يا خفيف الدم.
فنادتها أمها من خلفها على فجأة: هو مين أبو علي خفيف الدم ده؟
فتفاجئت بها جميلة منتفضة واجابت ببعض الإهتزاز: إيه يا مامي بغني! يا ختي!
– أنا كل مااتكلم معاكِ بتفوري دمي، إده إده! إيه الهباب اللي ف وشك ده؟!
عقدت جميلة حاجبيها بدهشة وصاحت: هباب إيه يا مامي! أنا مش حاطة مكياج.
-عارفة! هو لو مكياج كنت اتكلمت! تعالي كده… إده؟!
جذبتها، أوقفتها أمام المرآة، نظرت جميلة فوجدت آثار شحم في وجهها فضحكت، تذكرت لحظة حسن عندما جذب النظارة من وجهها يبدو أن يديه قد لامست وجهها وقتها و فعلت ذلك الإتساخ، فافت من شرودها على صوت صياح أمه: إنتِ بتضحكي؟!هتجننيني!
-بضحك يا مامي، إني مشيت و وشي مهبب كده.
ثم غنت وهي تغمز أمها لتضحكها: يومك فلالي… فرفش وانجلي… روق روق روق وافرجها ياعم!
ثم تركتها، صعدت غرفتها، دلفت مسرعة نحو المرآة ناظرة لوجهها، ضحكت ضحكتها تلك، تذكرت ردة فعله، نظرت لوجهها ثانية، تتمنت لو تتركه هكذا…
مر بعض الوقت ثم دخلت تحممت وخرجت تلف نفسها بمنشفة حول وسطها حتى فوق ركبتها وأخرى على شعرها و تدندن: أنا قلبي ليه حاسس أوي بالشكل ده… هو الهوى بيعلي إحساسنا كده… صدقني خلاص صدقت… إني انا حبيت دلوقت… وما كنتش أعرف قلبي هيحبك كده…
ثم جلست على سريرها وشردت فجأة، همست لنفسها: طب وبعدين لازم تعرف يا حسن أنا مين، صحيح لسه ما ينفعش أقدمك لأهلي دلوقتي بس لازم تعرف، بس أقولهالك إزاي؟
جلست تفكر هكذا حتى غلبها النعاس على هيئتها هذه.
أما حسن فعاد لمنزله، نظر نحو أمه و أخته فعلم من هيئتهما أن هناك أخبار قد نُقلت وقد وصلت قبله فسلم، دخل حجرته دون حوار أخذ حمامه، تمدد في سريره يسترجع كل لحظة معها ويبتسم فاليوم هو أسعد أيام حياته ولسان حاله يقول:
ضحكت يعني قلبها مال وخلاص الفرق ما بينا اتشال
يلا يا قلبي روحلها يلا وقول اللي ممكن يتقال
مستني إيه بعد الضحكة دي الضحكة فتحالك سكة
مش هي دي اللي انت عشقها وبآلها ياما شاغلة البال.
و في الصباح استيقظت جميلة وقد أصيبت بنزلة برد، حمى شديدة فأرقدتها في فراشها عدة أيام.
أما هو خلال تلك الأيام ينتظر وينتظر ولم تأتي ولم يعلم عنها أي خبر وكاد عقله أن يجن..
لماذا لم تأتي؟ ماذا حدث لها؟
كيف لم أطلب منها يومًا رقم هاتفها المحمول؟
إهدأ يا حسن لعل السبب خيرًا.. كيف..كيف؟
كيف أهدأ وقد مضت على عدة أيام دون رؤياها؟
وكالعادة فتحي يتابع من بعيد، لكن لا يحاول الإقتراب الآن، تحسنت حالة جميلة، قررت الخروج فقد توحشت حسن كثيرًا، اشتاقت إليه ومؤكد أنه ينتظرها على أحر من الجمر… على نار الشوق.
في الورشة كان حسن وفتحي يعملان، حسن بالطبع في قمة غضبه و الإقتراب منه حاليًا يحتاج لمجازفة كبيرة وجاءتهم منى، فأهدرت: السلام عليكم ورحمة الله.
أجابها فتحي: وعليكم السلام ورحمة الله… إيه اللي جابك؟!
أردفت منى معترضة: والله! دي كلمة تتقال يا راجل؟!
ابتسم فتحي بتراجع: مش قاصد يا روح الروح… بس في إيه؟
قالت: مش جايالك أصلًا..
إلتفتت لأخيها نادته: يا حسن.. يا حسن..
نبس فتحي بخفوت: ما بلاش حسن الساعة دي.
فلم تلتفت لكلامه وتابعت منى: يا حسن.
أجاب حسن: ما قالك بلاش حسن.
قالت منى: ماما بتتصل بيك م الصبح مش بترد عليها ليه؟
أومأ حسن واستطرد بضيق: ماسمعتوش.
تابعت منى: طب بتقولك جبت المعاش؟
أومأ حسن نافيًا وقال: ما روحتش ف حتة يا منى، هبقى اروح بكرة ولا بعده، عايزة حاجة تانية؟
أهدرت: خلاص خلاص.
فهمست لزوجها: هي لسه ما ظهرتش برضو؟
أجاب فتحي هامسًا: لسه.
همست لزوجها مجددًا: مش كان خد رقمها وارتاح و ريحنا.
نظر حسن بينهما وزفر صائحًا: في حاجة يا منى؟
تلعثمت قائلة: لا، تسلم يا خويا.
تابع حسن بصرامة: طب عل البيت.
انتهزت منى الفرصة وقالت: أصلي بتحايل على فتحي عشان بآله كتير ما خرجنيش.
فتح فتحي فمه بتفاجؤ وأهدر: هي كده!
أجابت بانتصار: آه.
ابتسم حسن وقد فهم أخته وتابع: طب ودي البت لأمي وجهزي نفسك و هو ساعة ولا اتنين و يبقى ياخدك يمشيكِ ف أي حتة.
صاح فتحي معترضًا: وانا مال أهلي انا! بتورطني ليه؟
صاح حسن: بورطك يا جزمة قديمة؟! مش كنت هتموت عليها زمان دي! والله كلمة زيادة لخليها تبات إنهاردة ف حضن توحة.
تراجع فتحي قائلًا: لا وعلى إيه! الطيب أحسن.
أهدرت منى بسعادة: تعيش يا خويا يا أحلى ابو علي، ربنا يريح بالك ويفرح قبك يا غالي!
أردف حسن: آااااااااااااه دي هتشتغل لوك لوك! يبقى مفيش خروج وهبيته ف الورشة.
تراجعت قائلة: خلاص خلاص.
وانصرفت مسرعة، ضحك حسن وقال: ربنا يسعدكم! معلش يا فتوح استحملني شوية.
– وإيه الجديد ماانا مستحملك علي طول.
أجابه حسن بمزحة: لا والله! أفرجك؟!
فضحكا ثم وصلت جميلة بالتاكسي، ترجلت بهيئة السائقة، رآها حسن، تهللت أساريره ثم عاد، جلس و على وجهه بعض الغضب.
أهدرت جميلة: إزيك يا فتحي؟
قال فتحي براحة: هل هلالك، إيه الغيبة دي؟
أجابت وهي تنظر إلى حسن: و الله كنت تعبانة وسخنه وراقدة ف السرير من يومها!
صاح حسن بلهفة: و هو ينفع يا جميلة مانعرفش عنك حاجة؟
فرك فتحي رأسه ببلاهة وتسآل بعدم اقتناع: هي مين اللي جميلة؟!
رفعت جميلة حاجبيها تتصنع الإعتراض وأهدرت:أنا اسمي كده، في اعتراض؟
أجاب فتحي: إزاي؟ قصدي سبحان الله! قصدي وماله!
فضحك حسن من فتحي ثم قال لها:رطب إيه رأيك نروح ف أي حتة بعيد عن الورشة، و بعيد عن فتحي……….هه!
أجابت جميلة بسعادة: طبعًا.
ثم قالت بدلال:المهم ما تبقاش زعلان.
فوجم فتحي وفرغ فاه ببلاهه.
زمجر حسن ونبس من بين أسنانه: ما قلنا بلاش كده ف الورشة، طب يلا بينا…
ثم التفت إلى فتحي وصاح: فتوووووووح ماتنساش ميعاد الجماعة أحسن انت عارف.
أومأ له فتحي، غادر حسن وجميلة ولازال فتحي واقفًا فارغًا فاه لا يفهم شيئًا، أعطت جميلة مفتاح التاكسي لحسن فقاد السيارة، سار بعض الوقت حتى وصل لمكان ما مطل على البحر، ركن هناك و ترجلا وجلسا.
تسآل حسن: هه! إيه رأيك! مبسوطة!
أهدرت جميلة بسعادة غامرة: أوووووي، المكان حلوووو أوووووي، و الأحلى إني معاك.
-طب ما تعمليش كده تاني ولازم تديني رقمك ضروري، كنت هتجنن عليكِ، وحشتيني… أوووووي.
-وانت أوي اوي، حسن، كنت عايزة أكلمك شوية عن أهلي.
– إنتِ وبس اللي تهميني…
ثم نزع نظارتها و نظر داخل عينها وأكمل: عمري ما حسيت بحد كده، ولا حتي المرة اللي فاتت، خطفتيني، برجلتيني، حتى من قبل مااعرف شكلك، ودلوقتي غرقتيني ف بحر عيونك الحلوين دول، بس معلش استنيني شوية كمان، اظبط حالي و ابقى ملو هدومي، أنا يادوب لسه بوقف الورشة على رجلها، و عقبال مااقف على رجلي واقدر، هاخد وقت يمكن سنين.
فأمسكت بيديه بشدة وقالت بحب: وأنا جنبك ومعاك إيدي ف إيدك وكتفي ف كتفك، هفضل مستنياك مش مهم أد إيه، المهم نوصل، نوصل سوا…
سكتت هُنيهة ثم أكملت بتردد: بس في حاجات لازم تعرفها عني.
فابتسم و رفع يدها، قبلها وهو ناظرًا في عينيها وهمس: ششششششش! جميلة أنا بـ….
قاطعه رنين هاتفه فجأة……………………
(الفصل السادس )
رن هاتف حسن فجأة، ابتسم إليها ثم نظر للهاتف متأففًا، أجاب: أيوة يا سارة، في إيه؟ فتحة كبيرة يعني؟! وأبوها و أمها! طب خلاص، جاي جاي حاضر على طول، مع السلامة.
تسآلت جميلة في لهفة: في إيه؟
زمجر حسن وقال على إستحياء: منة بنت منى أختي وفتحي وقعت واتفتحت دماغها، معلش بأه ، لازم أروحلهم.
نهضت واقفة وأهدرت بقلق: ما يهمكش يلا نلحقها.
أسرعا وركبا التاكسي حتى وصلا، ترجل حسن لإحضار إبنة أخته، أما جميلة فتولت كرسي القيادة وما أن نزل حسن بالطفلة حتى انطلقت جميلة بالسيارة، سارت بعض الوقت حتى وصلت إلى مشفى فاخرة في حي راقي و ركنت.
صاح حسن ملتفتًا حوله: في إيه؟ إيه اللي هيجبنا هنا؟!
أهدرت جميلة: اطمن كله هيبقي تمام.
خلعت نظارتها، نزعت الشال، فكت شعرها حرًا، نظرت تحت مقعدها، أمسكت كيسًا بداخله كنزة راقية، خلعت القميص وارتدت الجاكت ثم فتحت تابلوه السيارة وأخذت حقيبة صغيرة و زجاجة العطر الخاصة بها نثرت منه لنفسها حتى أن قليلًا من العطر أصاب كم حسن، أعادت النظرت المرآة مجددًا، هندمت هيئتها ثانيةً.
حسن كل ذلك متابعًا في دهشة و إعجاب معًا فقد فاق جمالها كل تصوراته، ترجلت مسرعة، أشارت إليه أن يتبعها، ترجل هو الاخر و لازال مغيبًا، حمل الطفلة، شعر بقلق وغموض مع بعض البلاهة حتى وصلت داخل إستقبال المشفى، تحدثت بأسلوب راقي: مساء الخير، من فضلك دكتور عزت موجود؟
أجابت الفتاة مرحبة: أهلًا وسهلًا آنسة جميلة، أيوة موجود.
-اطلبيه بسرعة بليز.
فطلبته الفتاةو أعطتها سماعة الهاتف فتحدثت جميلة: آلو، أيوة ياخالو، أنا جميلة، عايزاك حالًا ف الريسبشن ناو بليز.
ثم أعطتها السماعة وإلتفتت إلى حسن وقالت: اطمن كله هيبقي تمام.
جاءها خالها، سلمت عليه و يبدو أنها تحدثه عن الطفلة مشيرة نحوها، جاء الطبيب و نظر في الجرح ثم تحدث بأسلوب متعجرف: ورايا، فاضينلك احنا بأه يا ست جميلة وفاضين لحالاتك كل شوية.
صاحت جميلة: بسرعة ياخالو، عايزة الخياطة تجميل بليز وماتنساش الكريم.
دخلت معه جميلة، هدهدت الطفلة أثناء تخييط الجرح، لاعبتها حتى لا تبكي، انتهى الطبيب من كل شيء، أعطاها كيس فيه الدواء، حملت جميلة الطفلة، أعطت المفتاح لحسن ليقودها، ظلت تحمل الطفلة تضمها إليها حتى هدأت و نامت.
لاذ الصمت منذ أن خرجوا من المشفى حتى وصلوا فترجلت جميلة و ترجل حسن، أخذ منها الطفلة وقال دون أن ينظر لها: ألف شكر لحد كده روحي إنتِ كفاية عليكِ.
انصرف حسن دون أن ينتظر أي رد من جميلة…
كانت هيئة حسن غامضة بالنسبة لجميلة، لا تفهم ما به وما سر تغيره هكذا! ربما من مفاجأته لما حدث لإبنة أخته، ستعود إليه من جديد في اليوم التالي سيكون حتمًا أفضل.
بالفعل جاءت في ظهيرة اليوم التالي لكن في هيئة جميلة العادية مع سيارتها الخاصة التي كثيرًا ما حيرت حسن صدماتها، لم يعد هناك داعي لهيئة السائقة.
وصلت وترجلت عند الورشة، ما أن رآها فتحي حتى أقبل مبتسمًا قائلًا: أهلًا وسهلًا يا ست الكل، تحت أمرك يا فندم أي خدمة.
ابتسمت جميلة وأهدرت: إزيك يا فتحي؟ بنتك عاملة إيه إنهاردة؟
إتسعت عينا فتحي واجمًا: هه! بنتي! هو إنتِ جمال؟! قصدي جميلة!
تسآلت جميلة متلفتة: حسن هنا؟
أهدر فتحي بسعادة: ده لو مش موجود نوجده.
كان حسن بالداخل، دخلت جميلة، خلفها فتحي في حالة من الوجوم و الإنبهار بشكل جميلة الحقيقي.
قالت جميلة: إزيك إنهاردة يا ابو علي؟
نهض حسن واقفًا وأجاب بإقتضاب: أهلًا وسهلًا يا هانم، خير! خبطتي عربيتك تاني وعايزاها تتصلح! ولا…ولا جاية تكملي تمثليتك؟
اختفت إبتسامة جميلة وتسآلت بقلق: مالك ياحسن؟ دمك تقيل كده ليه؟ بطل بواخة بأه.
أكمل حسن باقتضاب: معلش يا هانم استحمليني شوية، عارف إني مش أد المقام، بس مش انا اللي يتضحك علي.
نظر فتحي بينهما وقال بتعجب: في إيه يا حسن ماتظبط الكلام!
صاح حسن في فتحي: بس انت دلوقتي…
ثم أكمل بنفس جموده: بصي يا هانم، معلش روحي اتسلي ف حتة تانية، ده مكان أكل عيش، و كفاية كدب وغش لحد كده.
تابعت جميلة بصوتٍ مهتز: آااااااااه! بس أنا ما كدبتش عليك يا حسن ولا غشيتك، أنا حبيتك بجد، وانت كمان.
صاح حسن: من فضلك اتكلمي عن نفسك وبس.
ابتلعت ريقها وبدأت تترقرق عيناها وأهدرت: تمام، أيوة أنا جميلة سراج التهامي بنت رجل أعمال كبير، وطول عمري ف مدارس لغات و متخرجة م الجامعة الألمانية، لكن كل اللي حواليا ناس تافهة و بتاعة مصلحتها ما تعرفش لا تحب ولا تود، زهقت م حياة النوادي و الدفليهات و كل التفاهات دي، و اختارت لنفسي حياة تانية اتمردت بيها على وسطي، اختارت أكون سواقة تاكسي، قربت م الناس، ناس بعيدة عني أوووووي، و دخلت حياتهم وعشت مشاكلهم، مشاكل بجد، واحد أمنية حياته يدخّل إبنه مدرسة ومش عارف، و واحد مش لاقي شغل ومسئول عن كوم لحم، و يا ما ويا ما، كنت بنغمس معاهم وافكر معاهم واحل مشاكلهم على أد قدرتي واحس أخيرًا إني عملت حاجة مفيدة وبأه لي لازمة ف الحياة.
ابتسم حسن على مضد وقال بمرارة: بصراحة انتِ ساعدتيني و وقفتي جنبي بزيادة تشكري و الله! كتر خيرك اتفضلي بأه.
صاحت جميلة:إنت ليه كده؟ ليه مصمم تعيش دور الضحية طول الوقت؟ المرة اللي فاتت انت اختارت غلط و سمحت لحد يلعب ف أفكارك و انت مشيت وراها مع إن الحل كان أدام عينيك طول الوقت، كل اللي عملته إني شاورتلك عليه، حسن إنت فعلًا موهوب و تقدر تعمل حاجات كتير، و قلتلك أنا معاك إيدي بإيدك و هستناك مهما طال الوقت وعمري ما هيأس المهم نوصل واحنا مع بعض ونبقى لبعض ف الآخر.
أجاب حسن بجمود: متشكر جدًا لخدماتك بس مش أنا اللي أعيش عالة على واحدة ست و استناها تصرف علي ولا تساعدني.
صاحت فيه: ما تفهم صح بأه يا أخي.
استدار حسن مواليها ظهره ونبس بقهر: خلص الكلام واتفضلي من هنا يا بت الناس، اتفضلي ده لا مكانك ولا قيمتك.
صدمت جميلة، قالت بصوت متحشرج تخالطه الدموع: حسن، إنت بتقول إيه؟!
صاح حسن بإنفعال شديد: اتفضلي من هنا.
كان الموقف شديد للغاية، مؤلم له ولم يستطيع التماسك، فقد بدأت دموعه تسيل ولا يحب أحد أن يرى لحظة ضعفه خاصةً هي.
بينما هي سالت دموعها بالفعل، أطالت النظر نحوه بعض الوقت ثم غادرت الورشة……………………
الفصل السابع )
غادرت جميلة الورشة و ركبت سيارتها تبكي بحرقة و لم تستطع القيادة من شدة إنهيارها في البكاء.
وقف فتحي واجما ينظر بين الاثنين لا يدري لأيهما يذهب لكنه قد ذهب خلف جميلة و طرق علي زجاج السيارة فرأته وسمحت له بالركوب.
جميلة:والله يا فتحي ما كنت بتسلي ، والله ما قصدت أكدب ، أنا كنت بتصرف معاه بتلقائية ف الأول ، بس أنا حبيته بجد ، والله العظيم بحبه صدقني ، وفعلاً لما إتأكدت م الحب ده كنت مقررة أقوله ومستعدة استناه حتي لو بعد سنين.
فتحي:أنا مصدقك والله ، ومش عارف أقولك إيه ، بس الموقف صعب أوي ، كانت مفاجأة و صدمة بجد ، انت كده فوق توقعاتنا كلنا ، المسافة حقيقي كبرت أوووووي.
جميلة:أنا بحبه وعمري ما هتخلي عنه.
فتحي :و هو كمان حبك ، وحبك أووي كمان ، بس حب البنت السواقة الجدعة اللي فوجئ بيها حد تاني.
جميلة:أنا هي والله ، أنا البت الجدعة ، عمري مااتعاملت مع حد بعوجان إلا عشان أجاريه لكن أنا مش كده.
فتحي:بصي حسن أنا عارفه كويس استحالة يلين دلوقتي خالص حتي لو هيموت من غيرك ، بس في حد ممكن لو دخلتي قلبه يبقي عنده الحل ، والحد ده هو اللي معاه مفتاح حسن.
جميلة:دلني عليه أوام.
فتحي:الحاجة أم حسن.
جميلة:طب لو ينفع توديني عندها دلوقتي.
وبالفعل انطلقا وذهبا عندها للبيت حسب وصفة فتحي لها فالمسافة كانت قريبة و وصلا و نزلا من السيارة فرأتهما مني ففتحت وهما يصعدان.
مني:وقعتك سودا يا فتحي ، مين اللي معاك دي؟
فتحي:إهدي وبطلي فضايح ، دي جميلة.
مني:لا والله ! بسم الله ما شاء الله ! الله أكبر اتفضلي يا حبيبتي.
و سلمت عليها بترحاب شديد ونادت مني : يا ماما يا ماما، حزري فزري مين اللي جت دي؟
تحية:من غير ماأحزر ولا أفزر هي اللي حبيتها و دخلت قلبي حتي من قبل ما أشوفها، تعالي يا غالية.
وعانقتها بحرارة هي الأخري و أيضاً سارة ذلك الترحاب قد أسعدها كثيراً وتمنت لو اكتمل.
تحية:منورة حبيبتي يا قمراية.
جميلة:ميرسيه يا طنط.
تحية:طنط ده إيه ؟! قوليلي ماما توحة.
جميلة :حاضر يا ماما توحة.
تحية وهي تنظر لفتحي:بس انت وصاحبك كتكو خيبة ما بتعرفوش توصفو.
فهمست مني لزوجها:هي دي اللي عندها ضبة ومفتاح.
فتحي:يوووووووه خلاص بأه.
جميلة:وخلاص ليه؟! هي مين اللي جميلة دي ؟! إزاي ؟ سبحان الله !هه ؟!
فضحكوا.
مني:والله مش عارفة أقولك إيه عل عملتيه مع منة بنتي إمبارح مبسوطة بيكي أوي.
جميلة:ربنا يحميها ! هي عاملة إيه دلوقتي ؟
مني:أحسن الحمد لله بس هي نايمة دلوقتي ، معلش بأه بوظنالك الخروجة انت وحسن، تتعوض ف مرة جاية إن شاء الله.
جميلة وقد تغير وجهها:مش باين لا مرة تانية ولا تالتة.
تحية:يبقي حسن زعلك ابني وأنا عارفاه بيطلع دبش ، مااتعودش لسه يتعامل مع نواعم زيك كده ، قوليلي عملك إيه ؟ حد يزعل القمر ده يا خواتي ؟!
جميلة:لا حضرتك الموضوع مش كده خالص.
فتحي:بصراحة جميلة جاية و عشمانة فيكي ف حاجة كده.
تحية:طب ما دمت ما عشمانة في يبقي اتفضل طريقك أخضر عل ورشة مع صاحبك.
غادر فتحي وقصت جميلة كل شيء لتحية ومني وسارة و بعد أن انتهت لاذ الصمت فترة من الوقت.
فقالت تحية:والله يا بنتي ما عارفة أقولك إيه ، بس كده الحكاية مش سهلة خالص ، انت فين و احنا فين وما يقدر عل قدرة إلا صاحب القدرة ، ومش هقدر ألوم علي ابني ، حسن قفل باب لا هو لا إحنا أده ، لا هتقدري علي عيشتنا ولا هنقدر علي عيشتك ، وحتي لو اتحلت كل حاجة ياتري أعلك هيوافقو ؟! ولا هياخدك غصب عن أهلك ؟!! ولا فاهمة إنه هيسمح ليكي ولأهلك إنهم يصرفوا عليه ؟!
ثم عاد الصمت من جديد لبعض الوقت فاستأذنت جميلة و أخبرت مني بموعد فك الخياطة لطفلتها وأخذت منها رقم هاتفها ليتفقا علي موعد المستشفى ثم انصرفت وتحية كلها خزن علي إبنها و عليها أيضاً فقد أحبتها بحق و تمنتها لولدها ولكن ليس كل ما يريده المرء يكون.
أما جميلة فخرجت من بيتهم و قد سددت كل الأبواب وزاد الأمر تعقيداً و ذهبت لبيتها و ظلت في حجرتها عدة أيام لا تخرج منها لأي سبب.
أما حسن فلم يكن أحسن حالا منها فبرغم من تأكده من حبها له لكن حقيقة عائلتها و مستواها الذي فوق طاقته ولا يقوي عليه فلم يجد إلا أن يعمل و يعمل و يغلق هذا الباب و كلما حن إليها اخرج قميصه الذي كان يرتديه يوم المستشفي و أصابه عطرها و يشتمه يشتم رائحتها ربما تهدأ نفسه ويسكن وجعه والمه لكن هيهات… ،
وجاء يوم فك الخياطة واتصلت جميلة بمني و اتفقتا علي موعد و ذهبت معها بالفعل وقام خالها بفك الغرز والجرح علي ما يرام و فعلاً لم يترك أثر لكنه كان متأففا و متعجرفا منذ أن دخلوا إليه حتي قال لجميلة:يا ريت ترحمينا م الأشكال اللي بتجبيهالي كل شوية دي.
فردت جميلة بإنفعال :علي فكرة يا خالو المستشفي دي بابي اللي عملها و مكتوبة باسم مامي يعني براحتي ، باي يالا بينا يا مني.
و بعد أن انصرفوا من المستشفى وركبوا السيارة.
جميلة:آسفة والله حقك علي ، إوعي تزعلي.
مني:بتتأسفي علي إيه وانت ذنبك إيه ؟ وبعدين ماانت ما خلتيلهوش بصراحة.
جميلة بتردد:طب ، طب وحسن عامل إيه ؟
مني:هه…أ. أ…. حسن ف الورشة ليل ونهار الله يعينه ! لكن ماما اللي واخدة علي خاطرها منك.
جميلة:ليه بس ده أنا حبيتها أوي ، حبيتكم كلكم بصراحة.
مني :يعني… لا جيتي ولا سألتي.
جميلة:حسيت إني مش مرغوب في من أي حد فيكم ، فما حبتش أفرض نفسي يعني.
مني:اخس عليكي ده ربنا يعلم ، رقمي معاكي ما تغيبيش بأه ، وما اتحرمش منك والله يا حبيبتي.
و سلمت عليها ونزلت من السيارة و صعدت مني لأمها وكانت تجلس وبجوارها حسن الذي دائماً شاردا و حزين.
تحية:هه….عملتي إيه؟
مني:الحمد لله تمام والخياطة مش باينة خالص بس الجرح هيتغطي كام يوم وكل يوم نغير عليه ، ربنا يباركله ! مع إنه راجل لا يطاق و يتفاتله بلاد.
تحية:حصل حاجة ولا إيه ؟؟!
مني:عمال يتنطط علينا ومتعجرف أوي بسلامته ويلقح بالكلام ويبصلنا من فوق لتحت كته نيلة…. بس جميلة ادتهمله وما سكتتش و….
حسن بإنفعال :جميلة إيه تاني ؟! انت إيه اللي وداكي عندها ؟ وبتروحي المكان ده ليه ؟ ماكنتي روحتي فكيتي الغرز ف أي حتة ، ولا لازم العوجان؟؟!!!
مني:في إيه يا حسن ما جراش حاجة؟!
تحية:في إيه بس ؟ إهدي يا حبيبي.
حسن:خلاص خلصنا وبتك وخفت.
ثم نظر نحوهم و هو ينهج من الانفعال وانصرف.
تحية:لا حول ولا قوة الا بالله.
مني:والله صعبانين علي هما الاتنين.
تحية:يعني ف إيدنا إيه نعمله ؟ وهي عاملة إيه ؟
مني:زيه كده ، بس خاسة وعدمانه ، وسألت عليه وقولتلها ف ورشته ، بس عملت عاملة تانية.
تحية:هببتي إيه ؟؟
مني:قولتلها إنك زعلانة منها عشان ما سألتيش عليها من يومها ، كنت بغلوش علي سيرة حسن يعني ، بس شكلي عكيتها ، البت مقهورة أوي يا ماما وما عنديش حاجة أقولها ، حكايتهم متعقدة أووي.
تحية:معاكي رقمها صح؟؟؟؟
مني:أيوة ليه؟!!
تحية:إديهولي وما لكيش دعوة.
فأعطتها مني الرقم بالفعل.
(الفصل الثامن)
أخذت تحية رقم جميلة و اتصلت بها بالفعل، وجدت جميلة رقمًا غير مسجل يتصل بها، فاضطرت لإجابته: آلو أيوة.
أجابت تحية: إيه يا حبيبتي عاملة إيه؟
عقدت جميلة حاجبيها بعدم فهم مردفة: تمام الحمد لله ، سوري مين معايا؟
-بأه كده نستيني!
فابتسمت جميلة ثم قالت: ماما توحة، إزيك يا حبيبتي؟ لا إزاي؟ بس ماتوقعتهاش.
-إخس عليكِ لا تعبريني ولا تسألي عليّ من يومها! زعلانة خالص.
-و أنا مقدرش على زعلك بس…
-ما بسش، عايزة أشوفك وبعدين أنا وسارة لوحدنا اليوم كله، إلا لو منى جت شوية، تعالي نقعد مع بعض، سامحيني أنا خروجي قليل.
-حاضر يا حبيبتي هاجيلك من عينيا، مع السلامة.
جلست جميلة مع نفسها تفكر في حالها، ترى ما سبب إتصال تحية؟ هل وجدت حلًا؟ أم ماذا؟ ولمَ التسآل فكما يقال (يا خبر إنهاردة بفلوس بكرة يبقى ببلاش)
ترى هل أراك ثانيًا؟ ترى كيف يكون لقاءنا؟!
قامت جميلة، أبدلت ملابسها فقد تركت ملابس جمال منذ زمن، هبطت من غرفتها فقابلتها أمها.
أهدرت جميلة: بونجور مماه.
وقبلتها، إتسعت إبتسامة ديدي واستطردت: بونجور يا قلبي أخيرًا هتخرجي، والحمد لله مش لابسة القرف بتاع التاكسي ده.
تنهدت جميلة بضيق: من فضلك يامامي مش عايزة كلام ف أي حاجة.
-صحيح نزلت إمبارح و جبتلك شوية لبس جنان.
-ميرسيه يا مامي.
-استني اجيبهملك.
-يا حبيبتي عارفة ذوقك، بعدين بأه.
-لا ما أنا عايزاكِ تلبسي حاجة منهم، وعدي عليّ ف النادي على 7 أو حتى 8 عشان…
قاطعتها جميلة بانفعال: ييييييه، مامي أنا لا هقابل حد ف نادي و لا ف كافيه ولا ف أي داهية، بصي أنا قررت أعنس واقعد ف أرابيزك، هم اللي اتجوزوا خدوا إيه؟
-رجعتي لأسلوبك الفالجر ده تاني!
-و برضو ولا هنا ف البيت، عشان لو جبتي حد مش هقابلهم غير بالعفريتة المشحمة وف إيدي مفتاح إنجليزي هبطح بيه أمهم.
-ده انت اتجننتي خالص!
-بالظبط، أمال لو كانت أشكال عدلة؟! بلا هم.
ثم ابتسمت ابتسامة مصطنعة و قالت: داكور مماه.. أروفوار…إمووووووواه.
ألقت لها قبلة في الهواء، انصرفت و ركبت سيارتها، انطلقت بها، كانت لا تستطيع تحديد شعورها الحالي، لكنها تذكر عندما كانت تصدم سيارتها عن عمد و تحضرها له على أنها سيارة لزبون وتراه وهو يصلحها و تقرأ إندهاشه ويقرأ هو أنه اصطدام عن عمد و مقصود رغم أنه لا يعلم كيف يحدث ذلك…. وتبتسم ولا تدري إن كانت ستراه ثانيًا أم لا.
هل كتب الفراق للأبد؟
أم لازال هناك أمل تنتظره، وصلت جميلة للبيت عند تحية و استقبلتها بحفاوة شديدة هي و سارة.
أهدرت جميلة: عاملين إيه؟ وحشتوني والله!
قالت سارة: عشان كده بتسألي أوي!
تابعت جميلة على إستحياء: والله من يوم ما كنت مع منى وتقريبًا ما بعتبش البيت.
تنهدت تحية بحزن قائلة: باين على وشك عدمتي يا بت، إيه ما بتاكليش؟!
تتهدت جميلة بقهر مردفة: و النفس تيجي منين بس؟
صاحت تحية: لأ، هتيجي وهتاكلي معانا دلوقتي، خشي يا سارة حضريلنا الفطار.
أومأت جميلة برفض وأهدرت: لا يا حبيبتي مالوش لزوم.
صاحت تحية معترضة: نععععععم! لاااااا إنتِ ما تعرفنيش، و لا إنت بخيلة؟!
إبتسمت جميلة إبتسامة باهتة وتابعت: حاضر هحاول عشان خاطر عيونك.
قالت تحية: تسلملي عيونك الحلوين دول، يا بت إجمدي بلاش تدهولي كده، الرجالة دول ما يحبوش اللي هتموت عليهم.
فابتسمت جميلة دون أن تعقب، تابعت تحية: دعيا لكم والله يا حبيبتي ربنا يفرجها و يجمعكم على خير!
جميلة:يا ريت يا ماما.
تحية:هيستجيب إن شاء الله ، طب انت عارفة أنا دعيت أد إيه لحسن لما ساب ورشة أبوه من يوم المدعوءة دي ما كرهته فيها ؟! سنين لحد ما جيتي و رجعتيله عقله ، فما تيأسيش هيستجيب إن شاء الله.
اهدرتهجميلة بسعادة: بجد!
سكتت تحية هُنيهة ثم تابعت: بس ممكن الإستجابة دي تكون ف شكل إن اللي بنتمناه ما يتحققش، لأن مش كل اللي بنطلبه بيبقى خير لينا وساعات الخير لسه هيجي، فلازم نرضى ونقبل بقدره.
أومأت جميلة بتفهم: ونعم بالله يا ماما!
ثم إلتفتت نحو المنضدة مشيرة بتسآل: لو سمحتي هو إيه دي؟
فضحكت تحية ومالت من شدة ضحكها وقالت: دي ملوخية بقطّفها، إيه ما تعرفيهاش؟!
تابعت جميلة: عارفاها طبعًا بس أول مرة أشوفها نبات، أنا ميح ف المطبخ.
فضحكت وقهقهت تحية قائلة: طبعًا يا حلوة ماعندك الخدم والحشم، يبقى تعملي بإيديكِ الحلوين دول ليه يا برنسيسة انتِ؟
قالت جميلة: طب ممكن أعمل معاكِ من دي؟
-يا سلام! ممكن أوي، إيه عايزة تتعلمي؟
أومأت جميلة قائلة: ينفع وأنا كبيرة كده؟
فضحكت وقالت: ينفع طبعًا، إنتِ فاهمة إني اتعلمت امتى؟ ده أنا اتجوزت وكنت خيبة مااعرفش اعمل حاجة وببوظ الأكل و يجي الحاج أبو حسن الله يرحمه يا ختاااااي يسود عيشتي عل الأكل البايظ وكنت عايشة مع حماتي كانت تشوفني بعك وتسيبني لحد ما يجي الراجل و يديني الطريحة وبعد كده تقوم تعمل هي، بس أنا ما سكتش ، بآيت لازقالها في الرايحة والجاية لحد مااتعلمت كل حاجة و بقى مايعرفش يفرق بين أكلي وأكل أمه ، يلا الله يرحمها.
ضحكت جميلة وقالت: طب والله جدعة! وعلمتي سارة ومنى؟
أهدرت تحية: طبعًا، سارة طول عمرها تعمل كل حاجة غير منى كانت متدلعة من صغرها، لكن من ساعة مااتخطبت وأنا حلفت عليها تعمل كل حاجة ف البيت وخليتها تشيله كله، وهي دلوقتي ست بيت زي الفل.
– ما شاء الله! عقبال ما تفرحي بسارة كمان.
تلاشت إبتسامة تحية وتنهدت قائلة: يارب! مع إنها عدت ال30، كانت لسه متخرجة من كلية العلوم وجه تعب أبوها وانشغلت معاه وشالتنا حبيبتي كلنا والبيت، بس بعد مااتوفي الله يرحمه ما رضيتش تخرج م البيت لاتروح ولا تيجي.
– والله ربنا هيكرمها دي أدب وجمال وخفة دم و شطارة.
-يارب حبيبتي!
صارت جميلة من يومها، تجييء من حينٍ لآخر و تعلمت بالفعل الكثير من أمور الطبخ و غيرها، كانت سعيدة معهم للغاية و هم أيضًا سعداء بها، نمت صداقة وطيدة بينهم، لكن لم يُذكر اسم حسن طوال تلك الفترة من أيهن كما أنه لم يكن يعلم بمجيئها لكنه لازال يعيش في قلبها و هي تعيش في قلبه……………
التعليقات مغلقة الان