رواية ” بعد الليل ” الفصل السادس و السابع للأديبة نهال عبد الواحد

الفصل السادس

مرت فترة على هذا الحال، حتى عندما عاودت قمر أعمال البيت لم يعد هناك حدة في التعامل فتفاءلت خيرًا بهذا الحمل بعد انزعاجها منه.

صحيح لم تنقلب معاملة أم زوجها لمعاملة الأم، لكن قد قل نسبيًا ذلك الصدام الحاد.

أما عن زوجها فكان يعود ليلًا فتعد له العشاء فيتناوله في صمت ثم يدخل لحجرة أخرى بحجة شرب السجائر بعيدًا عنها؛ فلا يسبب لها الضرر، و كأنها قد صدّقته!

هي فقط في راحة منه و تتمنى من داخلها أن تدوم؛ فهي ليست بحاجة لمزيد من التعب والإشمئزاز، فالمرأة الحامل كثيرًا ما تنفر من زوجها بسبب متاعب الحمل و ما يُسمى بالوحم، لكن بالنسبة لهما فعلاقته منفّرة و لم تصل حتى لعلاقة حيوانية؛ فقد نجد الحيوان الذكر حزينًا على وليفته إن أصابها مكروه، لكن هذا لا يتعامل معها من الأساس وكأن وظيفتها الوحيدة له كانت في متعة الفراش، إن كان في ذلك من متعة!

كانت أم قمر تأتيها من حينٍ لآخر لتطمئن عليها، كانت قمر تلاحظ تدهور صحة أمها لكن الأم تنفي ذلك دومًا.

وفي إحدى المرات في زياراتها لابنتها و كانت قمر قد اقترب موعد مخاضها، بالطبع بلا زيارات ولا متابعة طبيب؛ إنها نفقات لا فائدة منها كما ترى فوزية!

كانت قمر تجلس مع أمها وابنة عمها عبير تتبادلن أطراف الحديث و بالطبع تجلس معهن فوزية؛ حتى لا تفوتها كلمة أو أي شيء، كم يضيق ذلك أم قمر! فهي حتى لا تستطيع الإنفراد بابنتها كأي أم!

كانت عبير تمعن النظر لقمر ببطنها المنتفخة و ملامح وجهها أيضًا، وكانت تبحث بعينها نحو ساعديها و عنقها مثل كل لقاء، ثم قالت وهي تكشف عن ساعدها: شوفي كده يا جمر الغوشات دول، ضيا شيعلي فلوس أجيب اللي نفسي فيه، فجولت أجيب حتتين دهب ينفعوا للزمن.

فجذبت يدها فوزية وهي تجحظ عيناها فيها و تتلمس تلك الأساور الذهبية وهي تقول: و جبتيهم بكام على كده.

فجذبت عبير يدها مسرعة و هي تقوس شفتيها من تصرفات هذه المرأة، فقالت قمر بابتسامة طيبة: مبروك عليكِ يا خيتي، يعيش و يجيبلك.

فابتسمت لها عبير إبتسامة صفراء قائلة: تعيشي يا بت عمي يا زينة.

لم تعلم قمر بحسن نيتها هي و أمها أن ما أرسله من مال لم يكن من أجل زوجته لتشتري ما تريد بل هو لأمه و أخته أيضًا، ولما لم يكن هناك وقت لشراء هدايا ليبعث بها إليهم من أحد أصدقائه فأرسل مبلغًا من المال لثلاثتهن، لكن عبير أخفت الأمر و أخذت المال وحدها.

ثم قالت توجه حديثها لقمر بخبث: ألا جوليلي يا جمر، أمال فين دهباتك؟ ما شوفتكيشي لبساهم من زمن!

فوجمت قمر ثم تلعثمت قليلًا و هي تنظر ناحية فوزية والتي تبدّلت ملامحها، ثم قالت: ما طايجهمش بس، خلجي ضاج منيهم فخلعتهم.

فقالت بعدم تصديق: آه! خلجك ضاج!

وما أن سمعت فوزية كلمات قمر حتى هدأت نسبيًا، فتأكدت عبير من شكوكها و ابتسمت بشيطنة.

قالت الأم: باجولك يا أم محِمد.

_ جولي.

_ كنت عايزة جمر تولد عندي و تجعد معاي عشان أراعيها زين يعني.

_ و مين اللي عيوديها و يجيبها، ولا ولدنا نسيبوا معاكم و يولف عليكم وياخد طبعكم! لا عتفضل جاعدة إهني.

فقالت قمر على استحياء: ما تاجي إنتِ يا مّي و تراعيني إهني.

فصاحت فوزية فجأة: تاجي فين؟!

ثم قالت: جصدي إن أمك مرة كبيرة و مش حمل مرواح و مجي، خليها جاعدة في دارها أحسن.

بالطبع نزلت الكلمات على الجميع كالصاعقة و شعرت أمها بالإحراج مرة أخرى، وكأنها تطلب منها المعونة! وما كانت لحظات حتى انصرفت أم قمر وعبير، فحزنت قمر كثيرًا ثم صاحت بغضب: ليه بتجصدي دايمًا إنك تهيني أمي كل ما تاجي؟

فاتكئت المرأة و قالت: هي كلمة الحج بتهين اليامين دول! هي اللي واخدة السكة جياسة رايحة جاية!

فقالت قمر متوسلة: طب خليني أروح بيت أبويا بدل ما تاجي أمي و تضايجك.

فصاحت فيها فوزية: جولت لا، هي ميت مرة جولة لا!

ثم أكملت صياحها: جومي فزي شوفي اللي وراكِ! همي يلا…

فنهضت قمر من أمامها تحاول جاهدة حبس دموعها لكنها للأسف… انهمرت.

عادت أم قمر للبيت متعبة فاتجهت لحجرتها و ظلت حزينة عدة أيام تلازمها تقريبًا، لكنها خرجت اليوم تبحث عن عبير في أرجاء البيت، لتستمع لأصوات قادمة من المندرة، فظنت وجود ضيوف فهبطت الدرج، وما أن اقتربت من الباب الداخلي للمندرة، ذلك المؤدي للبيت من داخله.

سمعت أصوات حديث و ضحكات نسائية ثم تبينت ملامح الكلام، إنه صوت عبير تقول: و كل ما اروح عنديها ألجاها من غير دهباتها، أسكت!

فصحن من بالداخل: لا!

وارتفعت صوت ضحكاتهن، فأكملت عبير: جولت ما بدهاش و سألتها، وجال إيه ما طيجاش الدهبات وجلعاهم! وأنا متوكدة إن العجربة حماتها هي اللي خدَتهم، ما شوفتوهاش كيف إتلون وشها بميت لون لما جبت سيرة الدهبات.

فضحكن مجددًا، فقالت إحداهن: أحسن تستاهل.

_ وادي الدهبات اللي كانت عينا عتطلع عليهم راحت.

فتكمل عبير: تستاهل ماحدش جالّها تتكبر عل خلج و تحط منخارها ف السما.

لتقول إحداهن: جال علام جال!

فضحك الجميع في اللحظة التي دفعت الأم فيها الباب وقفت توزع نظراتها المصدومة بينهن وصاحت: إخس عليكم كلكم، بجي تجولوا اكده على جمر! كانت عملت إيه عشان تتشفوا فيها إكده يا بنات عمها! حتى انتِ يا عبير يا مرت خوها! بتشمتي ولماهم حواليكِ عشان تتشفوا ويا بعضيكم.

فقال عبير بلا مبالاة: مفيش حاجة حُصلت تستحج كل دي، وبعدين هوانا كدبت ولا كدبت! ماهي جدامك كانت من غير دهبات، ولا ما وعتيش للون حماتها و وشها اللي بيتلوَن!

فنظرت الأم بينهن في حزنٍ شديد قائلة: حسبنا الله ونعم الوكيل!

و إنصرفت الأم من بينهن، ومن يومها وقد حدثت المقاطعة بين الأم و بينها لكن الأم لم تترك البيت و بدأت تسوء صحتها، وبالطبع دون علم أحد.

واستيقظت قمر ذات يوم وهي تشعر بإنهاك في جسدها و تعب يتزايد، و خلال ساعات كان التعب والألم قد وصل أشده و بلغ مبلغه… أجل! إنها ساعة المخاض.

بالطبع رفضت فوزية تمامًا أن تذهب قمر و تلد في مستشفى، وحكمت عليها أن تأتي بالداية إلى البيت، ولم يكن هناك أي مجال للإعتراض .

وبالفعل جاءت الداية و دخلت معها حجرتها و بدأت بعملها، كانت أم قمر معها و أيضًا عبير، لكن لم يصرّحا بمقاطعتهما ولم تكن قمر في حالة لتلاحظ أي شيء، فهي الآن تتألم و تعاني؛ فآلام المخاض من أشد الآلام على الإطلاق سبحان المخلّص روح من روح!

وبعد فترة من الصراخ و مجاهدة الآلام، صاحت الداية مستبشرة: الله أكبر!

ثم أخرجت الوليد و ربطت حبل الخلاص وقطعته، بدأت تضرب على مؤخرته حتى خرجت أصوات صراخه الضعيفة، ما أحلاها! و ما أجمل تلك اللحظة!
لحظة ألم مع لحظة سعادة، كأن الأم لم تكن تتألم منذ ثوانٍ فقط! وصارت مشتاقة بكل جوارحها أن تحمل ذلك الجزء الصغير أحمر اللون، ضعيف الجسد، تتأمل تفاصيله، ملامحه، حركاته، سكناته و كل إنشٍ فيه.

ثم قالت الداية: تتربى ف عزكم! بنت جمر و هي جمر.

فصاحت فوزية وهي تضرب صدرها: يا لهوي! بعد كل وجع الجلب دي رايحة ف الآخر و تجيبي بت!

فتدخلت الأم قائلة: وهي صالحها ايه! دي جدرة ربنا، هو اللي رايد.

فقالت بتهكم: وانت خسرانة إيه! ما هي بتك اللي جايبة البت.

_ طب ما إنتِ جبتي بدل البت تلاتة، يبجى ليه بجى كسرة النفس و حرجة الدم وهي لسه نفسة؟!

فقالت فوزية: خلاص تبجي تسميها فوزية وأمري لله!

فقالت قمر بصوتٍ ضعيف لكن ظاهر فيه الإعتراض: فوزية!

فقالت بعدم رضا: ومالها فوزية إن شاء الله؟!

فتدخلت عبير قائلة: مالوشي، ده حتى إسم ملوكي كيف ما بيجولوا.

فقالت الأم: ليه يا عبير؟! هو أنا إتشرطت عليكِ يوم ما جبتي بتك الأولانية و جولتلك لزمن تسميها حسنية! ولا عمك الله يرحمه جالك البت تسميها أمها؟!

فتنهدت عبير و لم تعقّب، فقالت فوزية: إنتوا بترطوا ف الحديت ليه؟! جولت فوزية تبجى فوزية، إنما يكون ف معلومك، لزمن تحملي طوالي و تجيبلنا الواد، سامعة يا مرجودة!

………………….
الفصل السابع

مرت بضعة أيام بعد الولادة، بالطبع اضطرت قمر للمعاودة لأعمال البيت بالأمر المشدد دون مراعاة أنها لازالت حديثة الولادة وامرأة نفساء يلزمها الراحة، وكأم لطفلها الأول تحتاج للكثير من الوقت حى تعتاد التعامل معه و تعتاد مسئوليات الأمومة الجديدة عليها.

فالكثيرات من الأمهات الجدد تعاونهن في هذا أمهاتهن، لكن ماذا عنكِ يا قمر و قد ابتعدت عنكِ أمك بطلبٍ غير مباشر!

لكنها قررت تزور ابنتها من حينٍ لآخر، فهل ستُيَتّم وأمها لازالت على قيد الحياة؟!

لكنها تفاجئت عندما زارت ابنتها أنها تقوم بأعمال البيت المرهقة دون أي رحمة، وبالطبع متباطئة في عملها بسبب كونها تذهب لطفلتها من حينٍ لآخر لترضعها، تسكت صراخها أو تغيّر لها ملابسها و تنظّفها، وهذا غير كونها لازالت لم تسترد صحتها بعد.

غضبت الأم كأشد ما يكون عندما جاءت و وجدت ابنتها على حالتها من الإعياء الشديد، فصاحت قائلة: ما كانش العشم يا أم محِمد! اكده تشغلي البت وهي لساتها نفسة!

فأجابتها المرأة بلامبالاة: نفسة! ليه دي جايبالنا بت هتتجلع على ايه! لما تجيب الواد تُبجى تتجلع كيف ما بدها.

فتجيب الأم وهي تضرب كفًّا بكف: لا حول ولا جوة إلا بالله! يا وَلية ماهي اللي جابَت بت دي والدة برضو، ولا إنتِ لما كنتِ نفسة كانوا بيشجوكِ اكده!

فسقطت قمر فجأة جاثية على ركبتيها و صاحت بإنهاك: إلحجيني يامّي ما جدراش أصلب طولي!

فأسرعت إليها أمها، بينما مصمصت فوزية بشفتيها وقالت بنفس اللامبالاة: دي عتتصلبت.

وما أن وصلت الأم إلى ابنتها لتعاونها على النهوض حتى شعرت بحرارة شديدة تنبعث منها، فصاحت: البت سخنة و جايدة نار، حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا فوزية يابت حوا وآدم!

فأسنّدتها و صعدت بها إلى أعلى و مكثت معها رغمًا عن الجميع؛ تمرّض ابنتها و تعتني بشئونها و طعامها مهما غضبت تلك المرأة حتى تحسنت صحة قمر واستردت عافيتها.

بمرور الوقت كانت تتشكل ملامح الطفلة لتقترب من ملامح قمر، هكذا تخبرها أمها.

فما أجمل أن تكون ملامح الإبنة مشابهة لأمها!

لكن ذلك لم يعجب فوزية؛ ألا يكفي أنها أنجبت أنثى بل و تشبه أمها!

يا إلهي! ما هذا الخلل العقلي؟!
ومن يتحكم في نوع الجنين ولا ملامحه؟! لا إله إلا الله!

أما قمر فقد اعتادت طفلتها و أحبتها كثيرًا، أحبت كل تفصيلة فيها، كل حركة تُحدثها مهما كانت حركة عشوائية من حركات الأطفال حديثي الولادة، كانت تتحدث معها حينًا و تشكو حالها حينًا أخرى وكأنها راشدة تسمعها و تفهمها، تخبرها أنها لابد أن تتعلم وتكمل تعليمها و أنها لن تزوجها أبدًا إلا لمن يحسن معاملتها وبعد إتمام دراستها.

لقد أتمت الطفلة فوزية الشهرين و بدأت ترى بوضوح و تبتسم لأمها أحيانًا، بل وبدأت إصدار تلك الأصوات الطفولية و المناغات الرائعة التي تجعل قمر تضحك مهما كانت بائسة.

ومع سعادتها بطفلتها الجديدة تزداد سعادتها بابتعاد ذلك الزوج عنها و نسيانه لها، فدائمًا طوال تواجده بالبيت في الغرفة الأخرى و غالقًا بابه عليه، وإن كانت حماتها تُكثر التساؤلات حول لماذا لم تحمل قمر حتى الآن!

يا امرأة أين عقلك؟! إنها حديثة الولادة ولم تُكمل طفلتها شهرها الثالث بعد، حتى لو كانت أرنبة فلم يمر الوقت الكافي لحدوث حمل.

وذات يوم بينما كانت قمر مشغولة بأعمال البيت و تحمل ابنتها البكّاءة وهي تعمل؛ ففوزية الطفلة كثيرة البكاء ولا أحد يحملها أو يعتني بها، فتضطر قمر لأن تعمل وهي تحمل طفلتها.

لكن هذا اليوم شعرت قمر بحرارة تنبعث من جسد طفلتها فهرعت تصرخ لحماتها: إلحجيني! إلحجيني يامّي!

فأجابتها بلامبالاة: مالك عتصرخي كيف الفجر إكده ؟!

فتابعت قمر باكية بقلقٍ وخوف: البت سخنة و جايدة نار!

فردت عليها بنفس جمودها: وجايبهالي ليه؟!

– عايزة أروح أكشفلها.

لتهب المرأة واقفة فجأة وصاحت: تكشفي لمين يا فجرية يجيكي مصيبة؟! العيال عتعيا كل يوم، كل ما عتعيا عتوديها تكشف! روحي سَبحيها وهتبجى زينة.

فقالت متوسلة: طب ما تكشف وتاخد علاج أحسن.

فصاحت فيها: جولتلك روحي سَبحيها! همي يلا! امشي مشش في ركبك!

فتركتها قمر وصعدت بابنتها مسرعة ولا تملك إلا أن تحمم طفلتها مثلما نصحتها تلك اللعينة، كانت تبحث عن أي مالٍ معها لتأخذ الطفلة وتذهب بها عند الطبيب؛ فتلك اللعينة دائمة التفتيش و أي مبلغ تجده معها تأخذه منها وكأنها تدفع ثمن إقامتها!

لكن لا فائدة فبمجرد انخفاض الحرارة تعود لترتفع من جديد، كانت قمر تجهش بالبكاء ولا تدري ماذا تفعل!

ولم يعد لديها سوى الأمل الأخير، أن تنتظر ذلك الزوج فهذه طفلته ومؤكد سيسرع في علاجها، ظلت تنتظر و تنتظر حتى أخيرًا وصل، قدمت له الطعام أولًا وتركته لتطمئن على طفلتها حتى ينتهي من أكله ثم تفاتحه في أمر مرض ابنته.

ظلت قمر منتظرة و دموعها تسيل خوفًا على ابنتها، لكن قد طال الوقت و مؤكد أنه قد انتهى من طعامه فخرجت من غرفتها تبحث عنه فلم تجده فتأففت واتجهت لتلك الغرفة المغلقة التي طالما جلس فيها منفردًا حابسًا نفسه.

وقد آن الأوان لفتش ذلك السر الغامض، اقتربت من الباب و همّت تطرقه لكنها سمعت أصوات غريبة تأتي من الداخل فتصنّتت قليلًا لتعرف ماهية ما تسمعه لكنها لم تسمع سوى همهمات لكنها غير مريحة، وفي لحظة اتخذت القرار وفتحت الباب على فجأة ولسوء حظه قد نسي أن يوصد الباب و يحكم غلقه.

وما أن فتحت الباب حتى انبعثت لأنفها رائحة كريهة، رائحة تلك السجائر المخدرة التي يشربها هذا اللعين، ثم التفتت ناحية شاشة الكمبيوتر لتتفاجأ به يشاهد فيلمًا إباحيًا قذرًا.

شهقت قمر وصاحت فيه: يا نصيبتي! بجي هو دي اللي عتجعد عليه كل يوم! وانا أجول الفجر جاينا منين! يا شيخ حرام عليك اتجي الله!

فنهض يسرع نحوها بعد أن أغلق ذلك الفيلم وصاح فيها: إنتِ اتدبيتي يا مَرة إنتِ! كيف تدخلي عليّ اكده كيف الجضا المستعجل؟! عايزة ايه يا فَجر مصور!

فقالت بصوتٍ يخنقه البكاء: البت سخنة وجايدة نار وعايزة أروح أكشفلها.

فأجاب: الصباح رباح، يلا غوري جليتي مزاجي!

فصاحت فيه: باجولك البت جايدة نار! هو انت وأمك حد مسلِطكم عليّ؟!

فأجاب: اجفلي خاشمك و الصباح رباح.

فصاحت بملئ صوتها: البت عتروح مني خلي عنديك شوية دم ولا اللي عيجري ف عروجك مية سجعة.

فلطمها على وجهها، فصاحت فيه: طب انا عفضحك و عنزل احكيلهم ع النجاسة اللي عتحصل إهني.

فصاح فيها: يمين طلاج لو خرجتي من باب الشِجة لتكوني طالج.

فتابعت: والله! وده يوم المنى، أجليه أخلص من عيشتك السودا.

وتحركت بالفعل تخرج من الشقة و هي تكمل كلامها: يا حلاوة يا ولاد والله وعتطلج!

فصاح فيها: كنّك إدبيتي ف عجلك!

فخرجت خارج الشقة و صاحت بفرحة: لا عجلت و اديني اطلجت، أحمدك يا رب إني خلصت من الشبكة الشوم دي! كنت فين من بدري؟! وجال محسوب راجل جال! يجيك الهم والغم يا بَعيد!

فاشتعل غضبه من كلماتها كأشد ما يكون، وفي لمح البصر جذبها بقوة من ساعدها و قال لها: وانا رديتك، وريني عتعملي ايه يا جليلة الرباية! بجي انا مش راجل طب عوريكي يا…. ******

فجذبها وسبها بأفظع السبابات، لعنها ونعتها بأقذر ما تُنعت به امرأة في أخلاقها وشرفها، بينما قمر كانت تقاوم و تجذب نفسها منه لكن لا تناسب بين قوتيهما فسقطت أرضًا فصار يجرها جرًّا وهي تصطدم بجسدها بالأشياءو تحتك بالأرض فيؤلمها ذلك فتصرخ، ثم أدخلها غرفته اللعينة ذات الرائحة الكريهة وكل شيء بذئ ولازال يؤذّي مسامعها بأقذر الألفاظ و النعوت.

وما أن همّت بالنهوض حتى دفعها بقوة لتسقط أرضًا ثم انقض عليها، جذب ملابسها ومزقها وهو يزيدها ضربًا، كلما قاومته ازداد في ضربها ثم قيّد يدها ليكمل اعتداءاته الحيوانية عليها و هي تصرخ بملئ صوتها و تطلب الإستغاثة، لكنه يزيد عليها أكثر و أكثر وينهل من جسدها بطريقته وهيئته المقززة و أنفاسه الكريهة بأقذر ما يكون، وكلما دفعته لطمها و ضرب رأسها أرضًا حتى خارت قواها فاقدةً لوعيها ليكمل هو فعلته الشنعاء بطريقة تفوق الحيوانات.

أما عن من بالبيت فهم اعتبروا أن ذلك الصراخ لأنه يربي امرأته عديمة التربية كما تنعتها حماتها دائمًا.

اللعنة عليكَ وعلى كل من تسول لهم أنفسهم بإنتهاكات، إهانات و اعتداءات حتى ولو كان رجلًا مع امرأته!

لكنهم ليسوا برجال ولا علاقة لهم بأي رجولة، فإن كان الذكور كثيرين فقلّما تجد من بينهم رجلًا.

فالرجال هم من صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لكن ماذا عن من لا عهد لهم من الأساس؟! بل إنهم لا يعرفون الله أصلًا! يتحكمون في نساءهم بلا رحمة أو شفقة تحت إسم الرجال قوامون على النساء وكأن هذا هو مفهوم القوامة! وقد تناسوا أن أُمروا بحسن معاملة النساء و أن يترفّقوا بهن، وأن خيرهم خيرهم لأهله….

……………………

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان