رواية”روح الفؤاد ” الفصل الحادى والثانى عشر

بقلم : نهال عبد الواحد

زادت شهرة روح وازداد الطلب على كل ما لذ وطاب مما تصنعه أناملها وبدأت تحقق ربحا كبيرًا هي وأخيها حامد الذي لا زال مسئولًا عن توصيل الطلبات وكل التعاملات مع الجمهور والزبائن،
صارت تجمعه بعض الصداقات بينه وبين بعضهم خاصة ممن يطلب مرارًا.

وهكذا مر العام الأول على إنشاء تلك الصفحة وذلك المشروع الرابح الذي غيّر حياتهم سواء ماديًا أو معنويًا خاصةً بالنسبة إلى روح فقد صار هناك ما يشغلها، تفني فيه وقتها، تثبت فيه جدارتها وصار بالفعل موضوع نادر هذا صفحة قد قُطعت ورُميت في صندوق القمامة.

وذات يوم ذهب حامد بطلب لأحدهم ممن جمعت بينهما صداقة إلى حدٍ ما، وصل للعنوان المطلوب إذ وجده ينادي عليه من سيارته وكان يعتاد أن يقابله في أي مكان في الطريق ويمر عليه بسيارته فهو يعلم كم يلف نادر طوال اليوم في توزيع الطلبات وكان أحيانًا يركب معه في سيارته ويقوم بتوصيله أو يقفان يتحدثان، فقد صار لحامد سيارته التي يتحرّك بها طوال اليوم في توصيل الطلبات.

توقف حامد والتفت ناحيته فنزل من السيارة شابًا ثلاثينيًا أنيقًا للغاية متوسط القامة وتبدو عليه الوسامة، له شعر قصير وذقن خفيف أو ربما بسبب لونها الفاتح هي وشعره فيعطي ذلك الإيحاء بقلة كثافتهما، ولون عينيه التي تشعر وكأنها ملونة لكن هي بني فاتح، فاتجه نحوه حامد يصافحه بحرارة.

– مرحبًا! هيا اصعد معي في المكتب فأنا أريدك في أمر ضروري.

فتبعه حامد وهو يردف: حسنًا!

وصعدا معًا بالفعل بالمصعد حتى وصلا لمكتب فدخل الشاب أولًا ثم هم حامد أن يتبعه فلمح لافتة صغيرة جوار الباب مكتوب عليها  (مراد عزمي مخرج برامج)  ثم دخل خلفه حامد وكان يبدو أنه ليس موعد العمل لأن المكتب لايزال فارغًا، وجلس الاثنان.

فتسآل حامد بدهشة: معذرةً في سؤالي! هل أنت مخرج فعلًا؟!

فأومأ مراد أن نعم قائلًا بابتسامة: أجل! مخرج برامج تلفزيونية ومؤلف روايات، ألم أخبرك من قبل؟!

– حقيقةً لا، لكنه شرف كبير وفرصة سعيدة.

– أنا أسعد، المهم كنت أريدك في أمر هام.

– تفضل.

– مطبخ روح الفؤاد.

– أجل! ماذا بها؟ رغم أن الصفحة اسمها مطبخ روح.

– مطبخ روح الفؤاد هي فكرة برنامج جديدة أريد إخراجه وإنتاجه، برنامج للطبخ.

– هل أنت تستأذن لتستخدم الإسم؟

– ليس الإسم فحسب، إني أطمع أن الجبّارة التي تصنع كل تلك الأصناف هي من تقدمه، وإحساسي يبشرني بنجاح البرنامج فعدد المتابعين لديكم سيفيد كثيرًا في ارتفاع المشاهدات ونجاح البرنامج، فالجميع لديهم فضول وأنا أولهم نود معرفة كيف تصنع روائع الطبخ تلك، وهذا غير الفضول في التعرف عليها شخصيًا.

فأومأ حامد بإعجاب ثم تابع: حسنًا! لكن برامج الطبخ كثيرة على الساحة كما أن هناك قنوات كاملة للطبخ.

فتابع مراد بعملية: أجل! وهناك الكثير ممن يستفاد بحق من تلك البرامج، لكن أكلكم هذا يحمل نكهة مصرية أصيلة ستعيد إلينا المطبخ المصري الجميل وتلك المرأة المصرية التي تطبخ بحب وبحالة مزاجية هادئة وليس مجرد امرأة تعيش على السوشي والأطعمة السريعة وكل ما شابهها، فما أجمل ذلك الأكل الشهي! بعض الملوخية، فتة كوارع، قطعة موزة، طاجن عكاوي،…….

فضحك حامد وقال: كأنك جائع! لكن مثل تلك الأطعمة لا يُقبل عليها الكثير، كأنك تحب تلك الأصناف؟!

فضحك مراد هو الآخر: هل تراني أجنبيًا؟! كنت أعتاد على أكل مثل تلك الأصناف من يد أمي -رحمها الله- ومنذ وفاتها ولم أجد من يحسن صنعها كما أحببتها بمذاق يد أمي، لكن أكلكم بالنسبة لي هو حالة خاصة لقد وجدت فيه بحق مذاق يد أمي، أعلم أنك ستقول أنها تصنع الكثير من الأصناف الحديثة وبشكلٍ متقن ورائع، لكني أتحدث عن أصل ما أود تقديمه بالبرنامج، أجواء مصرية للغاية.

فتنهد حامد بيأس ثم قال: لكني لا أعتقد أنها ستوافق أبدًا.

فاتسعت عينا مراد بدهشة وتسآل: لماذا؟! كأني أقول أني سأعطيها دور في فيلم! إنها ستطبخ عادي مثلما تطبخ في مطبخها ولن نختلف على أي شيء.

– وبمناسبة الأجواء المصرية، يمكنك جعل الديكور الخاص بالبرنامج وأدوات المطبخ مصرية للغاية أيضًا.

– هيا أسمِعني واشجيني بأفكارك النيرة! صحيح، ما نوع تعليمك من أين تخرجت؟

– تعليم عالي، تخرجت من كلية الإعلام.

– لا والله! إذن تلك فرصتك لتصبح معدًا للبرامج، ستصنع ملفا بأفكارك حول البرنامج وكل ما يخصه من أفكار للديكور والحلقات وبما يناسب طبعًا مقدمة البرنامج التي تعرفها أكثر مني.

فقال حامد مترددًا: لكن……

فتابع مراد بالحاح: أرجوك! حاول اقناعها فهي مؤكد تحبك وستقتنع، دللها يا حامد وخذها على قدر عقلها، هكذا تعامل النساء فهن عاشقات لتلك الطرق وستصنع لك ماتريد بمنتهى السهولة.

فضحك حامد وقال: لكنها أختي أنا لست متزوجًا.

فضحك مراد هو الآخر وقال: المهم أن تقنعها، أرجوك!

فرفع حامد كتفيه بقلة حيلة وتابع: سأحاول.

فتسآل مراد بلهفة: هه! ماذا أحضرت لي اليوم؟!

فضحك حامد وقال: أنت الزبون الوحيد الذي تقول أكلوني على هواكم كما تريدون!

– لم أعد مجرد زبونًا بل صديقًا، ثم إني قد وثقت فيما تقدموه إذن فلِمَ أحدد الأصناف؟! إني حتى أعتقد أنها إن صنعت بيديها سندويتش من الجبن والطماطم سيكون له مذاقًا خاصًا.

فهمس حامد في نفسه: إن سَمِعتك لعلّقت رقبتك على باب زويلة!

فضيق مراد عينيه وتسآل: ماذا قُلت؟

فانتبه حامد إليه وقال مترددًا: هه! لا شيء، أقصد أنها لم تصل لسندويتش جبن بالطماطم، هذه مجموعة من المحشيات ومعها استيك لحم محمّر بالبصل.

فأهدر باعجاب: رائع! المهم أن يكون هناك ورق عنب معه، فورق العنب من يديها له مذاق لا يقاوم.

فهمس مجددًا: أرى رقبتك تتدلى الآن، ثم قال: اطمئن هناك طبق كامل مخصوص هدية لك فأنت لست بزبونٍ عادي.

فأجاب مراد بامتنان: أشكرك بشدة، وتسلم يديها، وأرجوك حاول اقناعها! ولا تنسى ملفًا بأفكارك، واطمئن ليس له علاقة بمدى قبولها للبرنامج.

سلم حامد عليه وغادر وهو يفكر والفكرة تلمع برأسه أكثر و أكثر، وصل للبيت في المساء حاملًا الكثير من المشتروات و وجد أخته متمددة على الأريكة وتتأوه: آه! آه! وارجلااه التي فُرمت! واخصراه الذي انقسم! واظهراه الذي انكسر! آه يا كُلي! وا أبتاه! واأماه!

فدخل حامد ويضع ما يحمله علي السفرة ويضحك بشدة ثم جلس وقال: ما هذا؟! ما مقطوعة الآهات والأوجاع هذه؟! ما الذي فعل بك ذلك؟

– عقب الإنتهاء من كل شيء وقفت ونظّفت المطبخ بالكامل، آه! وقد هلكت، هيا انهض وكبّس ودلك ظهري! هيا تعالي!

– ولماذا تهلكين نفسك هكذا؟! عندما تريدي التنظيف أخبريني وسأرسل لك من تنظف.

– لا أجيد الإمارة على الخلق، اخبط هنا، نعم تمام، كم أتمنى أن أذهب لمكان ما وأستلقي هكذا وأجد من يدلك هكذا، هيا اتقن ولا تتوقف!

– آه منك ياروح ومن جبروتك! ولِمَ لا أختي؟! حددي متى تريدين الذهاب وأنا سأذهب بك.

– كأنك قد صدقّت!

– هل من تذهبن بأحسن منك؟!
ثم جلس بجوارها و قال بتردد: روح! أريدك في أمر ما، أمر ضروري.

فاعتدلت تتأهب للإستماع له………..
الفصل الثاني عشر

بقلم :نهال عبد الواحد

– كنت أريدك في أمر هام!
قالها حامد بجدية وجلس جوار روح فاعتدلت تتأهب للإستماع له فقال: أتعلمين أنه قد نشأت بيني وبين بعض الزبائن صداقات خاصة ممن يتعاملون معنا باستمرار.

فأومأت بسعادة قائلة: اللهم بارك!

– ومن بينهم شخص ما يعمل كمخرج ومبهورًا بصنع يديكِ.

– إممم! هل يريد عمل وليمة؟ لا مانع، لكن عليه إخبارنا بالموعد من قبلها وبعدد المدعويين تقريبًا وإن كانت له ملاحظات في قائمة الأطعمة.

فأومأ برأسه أن لا وتابع: لا ليس الأمر هكذا!

فزمت شفتيها بعدم فهم متسآلة: إذن ماذا؟!

– إنه يريد عمل برنامج جديد وعندما علم أني متخرِّجًا من كلية الإعلام طلب مني أن أكتب له أفكار البرنامج ربما تكون فرصتي لأكون مُعدًّا للبرامج.

فأهدرت بسعادة كبيرة: حمدًا لله! بالتوفيق أخي! هذا العمل هو ما يليق بك، ولا تشغل بالك بمن يقوم بتوصيل الطلبات يمكننا استئجار شخص موثوقًا فيه نظير راتب، كنت أنوي ذلك من قبل فأنت وحدك تهلك من كثرة التوصيل وربنا يبارك فالخير كثير!

فأومأ برأسه أن لا قائلًا: لا ياروح، الأمر ليس كذلك، أرجوكِ دعيني أكمل كلامي!

فتابعت بتأفف: كأني أمسكت بلسانك! هيا انطق وقل!

– ذلك العرض يتضمن أن تقومي أنت بتقديم البرنامج وسيُسمى مطبخ روح الفؤاد وكونك من ستقدمه فهذا في حد ذاته سبب لنجاح البرنامج من قبل أن تذاع حلقاته.

فصاحت معترضة بحدة: ما هذا العبث؟! أتريدني أظهر في شاشات التلفاز وأقول سيداتي آنساتي، بالطبع مستحيل، لا يمكن.

– ولماذا؟! أنت لن تفعلي شيئًا غريبًا عنك، ستقفين في مطبخ و تطبخين فيه مثلما تقفي في مطباخك تمامًا.

– لا لا، لا يمكن.

وهنا رن جرس الباب، فتح حامد، كان أيمن وإيمان فدخلا وسلما ثم لاحظا أمرًا ما بين روح وحامد فنظرا بينهما وتسآل بريبة: ماذا بكما؟! كأنكما تتشاجران؟!

فأومأ حامد برأسه أن لا متأففًا ثم قال: بالطبع لا، كنت أعرض فكرة عمل جديد عليها ليس إلا.

فأردفت بحدة وتهكم: إنه يريدني أعمل مقدمة لبرنامج طبخ، كأنه قد جُنَّ!

فصاح حامد: تتحدثين كأني أعرض عليكِ أن تعملي كراقصة في ملهى ليلي!

فتدخلت إيمان بهدوء: حقيقةً هي فكرة رائعة! فهل هناك وجه أجمل من وجهك ليقدم البرامج؟!

وتابع أيمن مستحسنًا: وأنا أيضًا قد أعجبتني الفكرة.

فنهضت روح و وضعت يديها على خصرها وتابعت معترضة: عظيم! لقد اتخذتم جميعكم حزبًا ضدي!

فتأفف حامد ثم قال: لماذا أنتِ قلقة عزيزتي؟! إنه رجل ٌ محترم وعلى خلق وأنتِ لن تفعلي شيئًا غريبًا عنك، ثم إني سأكون بصحبتك دائمًا، هه! ما قولك؟!

فتابعت روح متذمرة: ولنفترض أنه لم يعجبني ذلك المكان و لا أولئك الناس؟!

أجابها أيمن: في رأيي هي فرصة حقيقية لك.

وأومأت إيمان مؤيدة وتابعت: وهذا رأيي أيضًا.

أشارت روح إلى إيمان قائلة: بالمناسبة، إيمان قد أعددت كل ما طلبتيه وكل شيء على ما يرام.

فصاح حامد بغيظ وهو يضرب كفًّا بكف: يا إلهي! ماذا نقول وبماذا تجيب؟!

قالت إيمان: دعينا من أمر الطلبات الآن سآخذها معي بعد قليل، و لنكمل موضوعنا.

تأففت روح وجلست مرة أخرى واضعة ساقًا فوق الأخرى تهزها بغيظ قائلة: وقد صار موضوعًا؟!

اقترب حامد من أخته، ربت على كتفيها بحنان وتابع يطمئنها: لا تخافي أختي! وفي أي وقت تقرري التراجع لا تكملي فمصلحتك هي أهم شيء حتى وإن خسرتُ عملي هذا.

فأجابت روح على مضض: إذن دعني أفكر.

فزمجر أيمن بضيق، فأشار حامد لأخيه يهدئه والتفت إلى روح قائلًا: حسنًا ياروح فكري كما تشاءين.

فأشارت روح لما أحضره حامد متسآلة: ما هذه الأشياء؟!

تنهد حامد وأجاب بجدية: صحيح كدتُ أنسى، هذه هدية مني للأستاذ وستكون خارج الحساب، أريد كل مواهبك في الغد يا روح، وابدئي به قبل إعداد الطلبات.

– وماذا سأفعل؟!
هكذا تسآلت روح وهي تتفحص أكياس المشتروات، فنهض مقتربًا منها يجيبها: فتة بالكوارع بطريقتك الخاصة وعليها صلصة ذات الخل والثوم، عليقة ضأن، طرب، وأحلى طاجن عكاوي من أحلى يدين لا تنسِي السلطات.

فزمت حاجبيها بدهشة وتابعت باستخفاف: وهل هذا الأستاذ سيأكل كل ذلك الطعام؟!

صاح حامد بمزحة: ماذا بك ياروح؟! كأن عينيك في الطعام!

لكزته وهي تقول: بالطبع لا… ثم ضحكت وقالت: أقصد أن هذه الأصناف لا يفضلها الكثيرين.

– ليتك كنتِ رأيتيه وهو يحكي عنهم.

فضحكت ثم لاحظت نظراتهم المتعجبة فسكتت ولا تعلم لماذا ضحكت ولماذا سكتت؟!

وفي اليوم التالي بدأت روح بالفعل بطبخ الأصناف المطلوبة وصنعتها على أحسن ما يكون، ثم أخذها حامد وذهب به لمراد في مكتبه.

وما أن رآه مراد حتى هشّ له وبشّ واستقبله خير استقبال ثم قال باعجاب وهو ينظر لما أحضره: ما كل هذا؟ هل قيل أني أقيم وليمة؟! أم تراني شخصًا أكولًا؟!

ضحك حامد قائلاً: هذا طلب مخصوص من أجلك، لكنه هدية.

فابتسم مراد وقال: حسنًا سأقبلها لكن عليك مشاركتي في الطعام.

فأومأ حامد برأسه موافقًا وأردف: حسنًا!

وبدأ يفتح كل منهما الطعام فقال مراد: هل انتهيت من أفكار البرنامج؟

تلعثم حامد وأجاب بتردد: حقيقةً… أجل… لكن روح لازالت غير موافقة.

أومأ مراد وتابع بهدوء: أنا لا أساومك، أنا بالفعل أريد رؤية إمكانياتك بغض النظر عن أي شيء آخر، لكني أتمنى وأرجو بشدة أن توافق.
ثم ضحك وقال:كأني انتظر ردًّا من حبيبتي لتوافق على خطبتي لها!
ثم نتبه لما قاله ثم تنحنح وقال: أعتذر منك، يبدو أني أخترف في حديثي!

فتح الأكل وعبقت رائحته المكان، اختفى أي كلام وأي حديث ولم يعد للفم أواللسان أي وظيفة سوى الأكل مع ابتلاع الطعام.

وعاد حامد في المنزل مساءً وكانت روح تشاهد التلفاز فألقى السلام وجلس جوارها، فسألته دون أن تلتفت إليه: لم تخبرني بأخبار الغداء كيف كان؟!

رفع حاجبيه باندهاش وأهدر بتعجب: هل أنتِ من تسألين؟!

– ولم لا؟

– حقيقةً قد صُدمنا من الأكل ما أحلاه! وما أطيبه!وما أشهاه! لقد ذهبنا لعالم آخر وظلّ كلًا منا مندمجًا مع ذلك الأكل ومذاقه الخرافي ولا يريد أيُّنا أن يقطع هذا التركيز العميق.

فضحكت وقالت: كل هذا وأنت تجلس أمام طبق من الفتة! فماذا لو جلست يومًا أمام حبيبتك ماذا ستفعل؟!

فابتسم قليلًا ثم سكت وبعدها قال: كأن مراد قال مايشبه هذا!

– وماذا قال؟!

– لا شيء، لكن أكثر ما قاله وأثر في عندما تذوق الطعام قال كأن روائح أمي تهفهف فأكلك يشبه أكل أمه المتوفية كثيرًا.

فسكتت روح دون تعليق لكنها لاتنكر بين نفسها أنها قد تأثرت من هذه الكلمات والأغرب وقع إسم ذلك الشخص عليها وكأنه يجتاحها ويلجمها فجأة! لكن سرعان ما اتهمت نفسها بالحماقة و نفضت تفاهتها، فقاطعها حامد متسآلًا: هل فكرتِ يا روح؟!

فقالت وهي تعود من شرودها: هه! كأنك زنّان؟! أم هذا إلحاح صاحبك؟!ش

– كما قلت لكِ سأكون معكٌ ولن أتركك وفي أي وقت رغبتي في تركهم لن يجبرك أحد، كوني مطمئنة!

أومأت روح موافقة كفض مجلس دون اكتراث قائلة: حسنًا يا حامد سأوافق من إجلك فقط، حتى لا تلومني يومًا أني قد أضعت فرصة عملٍ لك.

– إذن فلنتفق ونذهب لشراء طاقم ملابس جديد لتذهبي به للمقابلة.

– لا لاداعي، فلدي الكثير من الملابس الجديدة والأنيقة منذ أيام الوحل المسمى بنادر.

فأمسك حامد بجبهته وتابع بضيق وغيظ: آه! بالمناسبة أرجوكِ أرجوكِ حاولي أن تكوني أكثر لطفًا في حديثك، فلا داعي لتلك الحجارة التي تقذفيها بلسانك بمناسبة وبدون مناسبة.

رمقته روح بتوعد، فأكمل: أقصد عزيزتي أن هذا الوسط هو وسط يحتوي على فنانين ومشاهير وهم يعتادون على التملق في الحديث.

فوضعت إحدى ساقيها فوق الأخرى وهزتها بقوة ورفعت سبابتها بتوعد وصاحت بحدة: إن تحدثت بكلمة واحدة أخرى فستعتبر هذا الموضوع كأن لم يكن! كل ما عليك أن تخبرني عن موعد ذلك اللقاء وعليّ إعداد نفسي، فقط لا غير، أما لغتي وحديثي وكل ذلك الهراء فليس موضوعًا مطروحًا للنقاش.

ثم أكملت بنفس تهديدها ولازالت ترفع سبابتها في وجه أخيها محذرة: ولتعلم أن لساني لا يقذف بالحجارة إلا من يستحق، وكأنكم معشر الرجال جميعكم تستحقون ليس فقط القذف بالحجارة بل القذف بالمدافع الآلية.

ثم تركته وانصرفت وهو يردد في نفسه: استر يا رب!

………………………………
انتظرونا مع باقى الأحداث فى الأجزاء التالية

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان