رواية”روح الفؤاد ” الفصل الثامن

  1. بقلم : نهال عبد الواحد

حمل حامد الحقائب وذهب بها لبيتهم ثم أعد حقيبة صغيرة بها بعض أغراض لروح و ذهب بها بعد أن بدل ملابسه، وصل حامد لغرفة أخته واطمأن عليها وكانت لا تزال نائمة فخرج حامد وأيمن من الغرفة.

فتسآل أيمن بلهفة: هه! ماذا فعلت؟

فأومأ حامد برأسه وتابع: إطمأن، قد ذهبت وجمعت كل أشياءها ومقتنياتها ومصاغها.

– وماذا فعل معك؟

– ليته تجرأ وفعل شيئًا حتى أريه حجمه بحق، لكن لو أعرف ماذا فعل فيها؟!

– مؤكد قد ضبطته مع جارتها تلك.

حامد بصدمة: ماذا قولت؟!

فتلعثم أيمن وتابع بتردد: ماذا؟! إني أخمن!

فضيق حامد عينيه وقال بشك: هكذا تخمن!

– لقد رأيته ذات يوم كان يخرج من شقتها وكانت هيئتهما غير لائقة.

– أتعرف دون أن تتخذ أي موقف؟!

– ماذا تظن أن أفعل؟! هل كنت ذهبت إليها وأخبرتها؟! ترى أن هذا هو التصرف الجيد! كما أني لا أملك أدلة قاطعة لأعماله المشينة تلك.

– من الواضح وأنه قد فاتني الكثير!

– حامد! هذا ليس الوقت ولا المكان المناسب لمثل تلك الموضوعات، دعني في همي فقد كنت سبب تلك الزيجة السوداء وأنا من كنت أقنعها، لكن أقسم لك لم يكن واضحًا عليه كل ذلك.

– لا عليك أخي، المهم الآن أنه لا يمكن لنا السكوت وترك حق أختنا هكذا، سنطمئن عليها أولًا ثم ندبر ما يمكن فعله.

– الأمر لا يحتاج لتفكير سيطلقها فورًا بدون جدال، فبعد كل ما حدث يتركها هنا في حالتها هكذا ويجلس في بيته! أو ربما لا يزال يكمل جلسته مع عشيقته فالبعيد عديم الشعور والأخلاق!

وظل حامد و أيمن بجوار روح النائمة طوال اليوم فمن وهنها كلما استيقظت تنام من جديد.

لم يذهب أيمن إلى المدرسة اليوم وقد أقلق ذلك إيمان للغاية فلآخر وقت بالأمس لم يخبرها بأنه سوف يتغيب اليوم فاتصلت به مرارًا لكن بدون فائدة  فالهاتف خارج نطاق التغطية وذلك قد أقلقها أكثر، فاتصلت بروح وكان هاتفها أيضًا خارج نطاق التغطية وظلت تتصل وترسل له في رسائل لكن لم تحد أي رد.

وفي المساء ترك أيمن حامد يبيت مع روح تلك الليلة وسيعود هو للبيت ويذهب إلى المدرسة صباحًا ثم يخرج من المدرسة إلى المشفى وهكذا يتناوبان في المبيت معها، وإن احتاجت لمساعدة خاصة فلتفعلها الممرضات والعاملات بمقابلٍ مادي.

وما أن وصل أيمن للبيت وكان التعب قد حل فوضع هاتفه ليشحن ودخل يأخذ حمامًا دافئًا وبعد أن خرج فتح هاتفه فوجد كم الرسائل والمكالمات الفائتة من إيمان ورغم إرهاقه الشديد لكنه إتصل ليطمئنها.

فرن هاتف إيمان وكان في جيبها فأجابت مع أول رنة: أيمن! أين أنت منذ الصباح؟ غيابك قد أقلقني عليك وكدت أصاب بالجنون.

فابتسم أيمن من لهفتها وقال: مهلًا مهلًا! لو كنت أعلم أنكِ ستقلقين عليّ بهذه الطريقة الرائعة لكنت فعلتها من زمن.

فتنهدت ثم تابعت بغيظ: هل هذا وقت لمزحك؟! أخبرني بالله عليك لم تأتي اليوم وأين كنت طوال اليوم لقد اتصلت بك عشرات المرات وأرسلت إليك بعشرات الرسائل بدون أي فائدة وأيضًا قد اتصلت بروح وكلاكما خارج نطاق التغطية.

– إن روح في المشفى من ليلة أمس، وقد كنا أنا وحامد معها وها أنا عدت للمنزل توًا.

– شفاها الله وعفاها! ماذا بها؟! لقد كان بادٍ عليها التعب والإرهاق من الأمس، لا تفعل ذلك مجددًا وتطلب منها مثل تلك الولائم لقد تعبت كثيرًا.

– الأمر ليس هكذا، إن روح كانت حامل وقد سقطت من فوق الدرج، نزفت بشدة وفقدت جنينها ولازالت في المشفى، حامد معها هذه الليلة وأنا سأذهب إليها في الغد بعد العودة من المدرسة، هكذا نتناوب في رعايتها.

فتسآلت بتعجب: وأين زوجها؟!

فزفر بغضب وقال: اللعنة عليه! الله ينتقم منه!

فتسآلت بريبة: ما الخطب أيمن؟!

تنهد وحاول تغيير الموضوع قائلاً: معذرةً، فأنا مرهق للغاية الآن ولا أستطيع الحكي.

فأومأت إيمان وقد شعرت بعدم رغبته بمزيد من الكلام، ثم أكملت: بالطبع كما تشاء حبيبي.

أيمن بفجأة: ماذا قولتي؟!

إيمان وقد انتبهت لقولتها: هه! تصبح على خير يا أيمن!

أيمن بسعادة غامرة :حسنًا، تصبحين على خير يا قلب أيمن!

وأغلق الخط و وضع الهاتف واستلقى في فراشه مبتسمًا، بينما هي أغلقت الخط وتحدث نفسها: ماذا قولتي أيتها الغبية؟!

فجاءتها زينب من خلفها: ما الخطب إيمان؟ هل من أخبار؟

فانتفضت من مكانها قائلة: خالتي!

– هل وصلتِ إلى أيمن؟

فأومأت برأسها أن نعم، فأكملت خالتها: وماذا حدث؟!

– لقد سقطت روح من فوق الدرج وقد نزفت كثيرًا وكانت حاملًا وفقدت جنينها.

فصاحت بحزن وتأثر: لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد كان بادٍ على وجهها بالأمس التعب الشديد، لقد أحزنني هذا كثيرًا، وأين هي الآن؟

– في المشفى وحامد معها هذه الليلة فهو وأيمن يتناوبان المبيت معها.

– وما إسم المشفى و رقم الغرفة؟!

– لقد نسيت أن أسأل هذا السؤال!

فصاحت فيها بغضب: يا ويلي منكِ يا إيمان! لا يمكنك حسن التصرف أبدًا، ترى أين ذلك المدعو زوجها؟!

– الواضح أن هناك خطب جلي، ماذا تفعلين يا خالتي؟!

وكانت تتصل من هاتفها وأشارت لإيمان بسبابتها أن تسكت ثم قالت: مرحبًا عزيزي! معذرةً! هل أيقظتك؟!

فأجاب: لا لا، مرحبًا خالتي.

– ألف سلامة على روح، إرسل إليّ فورًا إسم المشفى و رقم الغرفة أود الذهاب إليها.

– هي لازالت نائمة ما أن تستيقظ حتى تنام من جديد، فلن تراكما أو تشعر بوجودكما.

– أنا لست أرغب في المجئ كضيفة و زائرة بل رعايتها.

– أشكرك بشدة خالتي وبارك الله فيكِ! لكن معذرةً لا نود إرهاقك.

– هو ليس مجرد عرض للمجاملة، وما دخل الرجال بمثل هذه الأمور؟! هي أمور نسائية بحتة وتحتاج لوجود امرأة معها.

– إن احتاجت لشيءٍ خاص سنطلب ذلك من إحدى الممرضات الموجودات.

– لا يمكن ما تقوله هذا، ألسنا بأهل؟!

– مؤكد أهل، لكني لا أريد إرهاقك وأيضًا لا أحب ترك إيمان وحدها.

– لا تعب عزيزي وروح مثل إيمان تمامًا، ثم أن إيمان ليست بطفلة بل هي فتاة مخطوبة وعلى أعتاب الزواج وحياة خاصة، هل ستأخذها معك ذهابًا وإيابًا؟! أم ستحضرها إليّ كل يوم؟! عليها الإعتماد على نفسها.

وبعد إلحاحات كثيرة من زينب اضطر أيمن لإرسال رسالة بإسم المشفى و رقم الهاتف.

وفي اليوم التالي ذهب أيمن إلى المدرسة وداوم عمله وقد جاءت زينب و إيمان للمشفى بعد العصر وقد ظل الجميع حتى المساء ثم عادوا جميعًا لبيوتهم عدا زينب التي بقيت معها تهتم بها وتقدم لها من المشروبات الدافئة، حتى بعد عودتها للبيت لازالت أيضًا تجيئها وتعتني بها.

وطوال فترة بقائها في المشفى وحتى خرجت لم يزورها نادر على الإطلاق.
ترى هل خجل من تصرفاته وفعلاته المشينة؟!
أم أنه قد استراح من حملٍ ثقيل؟!

…………………………………

انتظرونا قريبا مع باقى الأحداث والفصل التاسع

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان