رسـائل مبكـرة للرئيس القادم

1922515_824594300885135_1762634899_n

بقلم هانى مدحت

بوادر تحرك الحكومة الجديدة للتصدى لأزمات الواقع الصعب، وتراكمات سنوات منالفشل والتراخى فى علاج حقيقى لمعضلات استعصى حلها، تؤكد أن إرادة التغييرحاضرة، وبقوة، ولتحقيق ما خرج الشعب من أجله قبل ثلاث سنوات ومازال الشعبيتوق إلى قيادة جديدة للبلاد تضع اللبنة الحقيقية لمجتمع أكثر إنتاجيةوشفافية، فى إطار أوسع لعدالة اجتماعية تصل إلى كل الشرائح الاجتماعية.. فحسنا فعل رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب بنزوله ووزرائه إلى الناسومواجهتهم بالحقائق، والتأكيد على عدم التستر على الفساد، وأن الحقوقيقابلها واجبات… وأن الأجر والحافز والأرباح يقابلها العمل والإنتاج،وليس الفوضى والمطالب الفئوية والخاصة…. فى بداية تعبر تعبيرا صحيحا عنمفهوم المرحلة الانتقالية بوصفها تأسيس لنظام سياسى جديد يعبر عن أهدافثورتين يتطلب تحقيقها التكاتف والشعور بالمسئولية الوطنية فى هذه الظروفالصعبة، واحترام الدستور والقانون والنظام العام والعمل.

هذا الأداء مع قرب الانتخابات الرئاسية يعطى للشعب آمالا عريضة فى استعادةالثقة فى قدرتنا على بدء مرحلة جديدة، وبالقدر نفسه، يصيب هذا التفاؤلمجموعات المصالح الخاصة، والمرتبطة بدوائر الفساد ـ التى سددت الضربةالقاضية لنظام مبارك من داخله ـ بإحباط شديد وحالة جنونية بعد أن أدركت تلكالمجموعات أن الدولة عائدة وعازمة على القيام بوظائفها، والمضى فى تحقيقأهداف العدالة الاجتماعية، وهى مجموعات ورثت منظومة متكاملة من الفساد علىمدى أكثر من 30 عاما سبقت ثورة 25 يناير، وبرهنت على أن هناك مرضا عضالاأصاب المجتمع المصرى بعد إجهاض مشروع النهضة فى سنوات الخمسينياتوالستينيات من القرن الماضي.

نعم.. تلك المجموعات تخشى من رئيس قادم يتبنى بحق أهداف ثورة 25 يناير ويضع محاربةالفقر و«العوز» الذى أوصل أسرا مصرية إلى أكل هياكل الدجاج أو البحث فىصناديق القمامة عن قوت يومهم، فى أولوياته، ويسعى من أجل التوزيع العادلللثروة، حيث إن تلك المجموعات المنتفعة من الفساد تأتى على رأس أولوياتعملية إصلاح الخلل فى المنظومة، وستدفع ضريبة الإصلاح بعد أن تغادر سفينةالإصلاح الحقيقى الشاطئ إلى مستقبل جديد، فالتحديات الاجتماعية المتراكمةتحتاج إلى تضحيات وإجراءات واضحة وحاسمة مع مثل هذه المجموعات.وبدورها.تبعث تلك المجموعات حاليا رسائل إلى المرشحين للرئاسة، وبالتحديد للمرشحالأكثر شعبية المشير عبدالفتاح السيسى، وهى تقوم بمحاولة إعادة إنتاج نفسهافى مختلف المؤسسات بالدولة، وإعادة إنتاج الفوضي، واستخدام الخطابالمغلوط، للإيحاء بأن أى أصلاح هو بدوره مرتبط بمصالح خاصة وللأسف الشديدفتلك المجموعات لها وجود فى غالبية المؤسسات، وهى تختبيء اليوم وراء أهدافثورة يناير بمسميات مختلفة ومتنوعة ومن الأمثلة الواضحة محاولاتها المتكررةلإحياء الفتنة الطائفية التى ظننا أننا قد تخلصنا منها بعد زوال حكم جماعةالإخوان.ومن مظاهر صناعة الفوضى التى تروج لها، الضغوط المتزايدة والابتزاز فى إطارالمطالب الفئوية، والقفز على مرشحين بأعينهم، والإيحاء لهم بأنهم يملكونمفاتيح التأييد والشعبية فى الشارع، وعند الضرورة يمكن أن تتحول إلى درعواق ضد الخصوم، ومن هنا تأتى المبالغة الشديدة فى إظهار التأييد لمرشحبعينه، وتقدم تلك المجموعات نفسها أيضا بحملة على اليسار والناصريين رغمأنه لا يوجد مذهب سياسى يحمل اسم جمال عبد الناصر، وفى نهاية الأمر، قدمالرجل لوطنه تجربة إنسانية لها ما لها وعليها ما عليها إلا أن شبح الزعيمالراحل بكل ما حاول أن يقدمه من مشروع وطنى مستقل، وإنهاء التبعيةالخارجية، وحفظ كرامة أبناء وطنه، يؤرق مجموعات المصالح، ويقلق مضاجعهاخشية ظهور من يحمل الفكرة النبيلة من جديد إلى أبناء شعبه.

وهناك قطاع يريد تصفية حساباته مع ثورة 25 يناير، ويعتقد أن ثورة الشعب فى 30 يونيو ستغطى على فساده ويصيبه الارتباك كلما أكدت قيادات الدولة أن مافعله الشعب فى العام الماضى هو تكملة لأهداف ثورة يناير، التى رفعت شعار «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وفى إطار حالة اليأس التى تنتاب الفريقالسابق لا يتورع بعض أنصاره عن السعى لهدم بعض مؤسسات الدولة، التى تمثلالقوة الناعمة، كالمؤسسات الثقافية والاعلامية، بعدما فشل آخرون فى هدممؤسسات القوة الصلبة، وبعدما استعاد جهاز الشرطة الوطنى عافيته كمؤسسةوطنية تنحاز للشعب.. هؤلاء لا يتورعون أيضا عن تبنى خطاب جماعة الإخوان،والتنسيق معها، لإحداث مزيد من الوقيعة والفوضى والفتنة الطائفية فى ربوعمصر مع سعى محموم لشن حروب قذرة على شخصيات وطنية من أجل العودة لمواقعالقيادة والسلطة.

ولا شك فى أن هذه الرسائل كلها مكشوفة.. ببساطة لأن كلا منا له تاريخ.فى إطار ما سبق..

يعود السؤال مجددا فى كل مرة يجد المجتمع المصرى نفسه أمام أسئلة صعبة بشأن المستقبل.. ما العمل؟

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان