راوية ” بعد الليل ” الفصل الثانى والثالث عشر للأديبة نهال عبد الواحد

الفصل الثاني عشر

وصلت قمر لباب البيت، هبطت من السيارة هي، جارتها وابنها، وقفت أمام البيت تنظر إليه في شوقٍ كبير، تكاد دقاتها تتراقص من سرعة نبضاتها فرحًا ومنشدة مع كل إنشٍ فيها أنشودة العودة بعد طول الغياب،

قد جئتك يا بيت أبي
بعد اغترابٍ و همٍّ مُركّبِ
كأني أرى الآن طفولتي
و أشتم رائحة خير الأحبابِ
هنا ركضتُ و هنا لعبتُ
وهنا تدللتُ منك أبتي
ليتني ما خرجتُ ولا كبرتُ
و ظللتُ لا أهتم إلا بحلواتي و ضفيراتي

طرقت باب المندرة الخارجية بسعادة كبيرة و هي تتسمع صوت أقدامٍ ربما تقترب ركضًا لتفتح لها.

تستنشق الهواء بقوة و تشتم ربما هذه رائحة كعك العيد أو ربما البسكويت، لا لا هو مؤكد ذلك الفايش اللذيذ.

ظلت واقفة فترة من الزمن على غير العادة و بدأ القلق يتسرب بداخلها فعاودت الطرق من جديد، ثم طرقت ثالثًا…

وبعد فترة وقد تملّكها القلق و الوجع أخيرًا فُتح الباب و وجدت أخيها فتهللت أساريرها لدرجة لم تنظر لوجهه بل اندفعت نحوه متعلّقة في رقبته، لكنها شعرت بفتورٍ في سلامه.

فأبعدت نفسها عنه وأخذت تحملق فيه متسآلة بقلق: مالك ياابو خوي!

فتنهد قائلًا بجمود: توك ما افتكرتي!

فشحب وجهها و تسارعت ضربات قلبها تسارع يخالف السابق وصاحت: أمي جرالها حاجة!

فنظر إليها ثم نظر أرضًا و لم يعقب، فأمسكت بأسفل بطنها و ركضت إلى الداخل مسرعة حتى وصلت لغرفة أمها لتجدها طريحة الفراش بلا حراك، منهكة أشد الإنهاك وكأنها على فراش الموت، هكذا يحدّثها حدسها و تنهره.

اندفعت نحو أمها قاذفةً نفسها بين أحضانها غير آبهة لجرح بطنها الحديث وصرخت باكية: أمي، أمي، إيه اللي نابك! والله جلبي كان حاسس إن فيكِ حاجة عشان إكده ما جيتيش من زمن!

فتدخلت عبير: لو كان جلبك عليها يا ختي كُتي جيتي زورتيها و جعدتي تحت رجليها تراعيها، هو الإسم بتها الوحيدة!

فأجابت باكية: والله ربِّ يعلم بحالي كان كيف الفترة اللي عَدَّت.

فقالت عبير بحدة: وجاية مع مين إن شا الله! ما شيفاش جوزك يعني!

فنظرت إليها أمها مطولًا قائلة بصوتٍ متقطع: فين بطنك يا جمر؟

نظرت قمر ليديها التي تفركهما ببعضهما بتوتر و ظلّت ساكنة لا تنطق، فصاح فيها أخيها: ما تنطجي يا جمر! فين جوزك؟! و فين ولدك اللي كُتِ حبلى فيه؟!

فأجابت بهدوء: أنا اطلجت.

فضربت عبير على صدرها بقوة: يا مرّي! و كنّهم خدوا ولدك كماني!

فأومأت برأسها أن لا، فأجابت الجارة التي كانت لا تزال موجودة: حماتها صمَمَت تولد طبيعي و الدَكتور كان مشدد إنها تولد قيصري، فالعيل اتخنج ومات، وهم تو ما عرفوا راح رامي عليها اليمين حتى جبل ما تفوج م الولادة، ما هي جطعت النفس واضطروا يولدوها في المِشتِشفى، وجال إيه هي اللي فجر و بومة! ووالله يا خيتي فاتوها بالجلبية اللي عليها!

فضرب ضياء كفًا بكف و هو يقول بغضب: وديني لوريهم ولاد المركوب دول ! يعني ايه يطلجك إكده! ما لكيش اهل ولا ايه!

فتدخلت عبير قائلة: وطبعًا من خيبتك سيبتيلهم دهبك وفلوسك!

فأجابت بسخرية: بلا همّ لما يا ختى ما ختش هدوماتي! كيف خالة أم عصام جالتلك، فاتوني بالجلبية اللي عليّ.

فأكمل ضياء بغضب: هطمَّن على امي و جبل ما اسافر هروح أطربجها على روسهم.

فتابعت عبير: ايوة روح و خليهم ياجوا لحد عندينا يستسمحوا و يبوسوا على راسها كماني!

فإبتسمت قمر بسخرية قائلة: ريِحوا نفسيكم، دي الطلجة التالتة يعني منهاش رجعة.

فصاحت عبير: توك ارتاحتي يا حزينة! إطلجتي و خليتي سيرتنا على كل لسان! يا شماتة الأعادي فينا!

فتابعت قمر: يشمتوا ولا يندعجوا هو كان حد فيهم شارب المرّ غيري! دي الوَلية كانت تعد الخبزة كام رَغيف و لو نِجص ياختاي!  يلا الحمد لله! و بلاها السيرة الشوم دي.

ثم قالت: أنا عجهد إهني جار أمي أخدمها و أمرِضها لآخر العمر، صُح يامّي!

ولم ترد أمها فالتفتت إليها فتجدها مغمضة العينين و شاحبة اللون فصاحت بقلقٍ و هلع: يامّي، يامّي ردي عليّ، باجولك أنا جيتك و عجعد جارك على طول، يامّي!

كانت تتحدث و هي تهزها بشدة لتستفيق معها وأيضًا كان معها أخيها، ولكن قد استرد الله وديعته و تُوفيت الأم.

ارتفعت أصوات الصراخ و العويل و لم يعد هناك أي عيد، فقط حزن، حداد و سواد، أما الجارة فقد رحلت لقريتها تاركة تلك المسكينة وسط أحزانٍ لا تنتهي.

ومرت فترة بعد الوفاة و قد اقترب موعد سفر الأخ، وكانت قمر منذ وفاة أمها لا تتحدث إلا قليلًا لازالت مرتدية الأسود لتزداد بؤسًا على بؤسها.

وكانت جالسة في مندرة البيت مع أخيها و صديق أبيها الشيخ مجاهد إمام المسجد.

فقال ضياء: على فكرة يا جمر دهبات أمك معايّ عديهالك جبل ما اسافَر، دي كانت وصيتها جبل ما تموت إنك تاخدي الدهب كله.

فتابعت قمر برفض: لا طبعًا دي ما يرضيش ربنا، انت وارث زييّ زييك يعني الدهب دي يتجسم بشرع الله، ولا إيه يا عمي الشيخ مجاهد!

فأجاب الشيخ بملامحه الطيبة و وجهه الباش: أيوة يا بنيتي الله يفتح عليكِ! كيف ما جالتلَك يا ضيا، الدهب ميراث زيه زي أي شيء سابته الحاجة والدتك الله يرحمها! ولا وصية لوارث.

فقال ضياء: لكن يا عمي هي اللي طلبت دي وما حدش طلبه منيها يبجى كيف أكسر كلمتها و اسيبها حزينة ف تربتها.

فأجاب الشيخ: حتى لو كيف ما جُولت، هي اتصرفت بجهل منيها لكن انتو تصلحوا عشان ما تتحاسـَبش على غلطة زي دي، م الصبح جبل أي شيء روح للصايغ و تمّن الدهب و لا خليه يجمسه بالجرامات بيناتكم التلت و التلتين؛ للذكر مثل حظ الأنثيين.

فنظر ضياء لأخته مطولًا وقال: أمال فين دهباتك يا بت؟!

وكان ذلك وقت دخول عبير بالشاي، فأسرعت قائلة: كنّك انسيت إن العجربة حماتها خدَتهم .

فأومأت قمر برأسها أن نعم، هي لم تفهم مقصد أخيها؛ فقد كان يقصد تلك الأموال التي يرسلها لزوجته لتقسمها بينها، بين أمه وأخته، أحياناً  يطلب منها شراء قطعة ذهبية و إعطاءها لأخته و كانت تخبره بأنها فعلت كل مايريد ، في حين إنها كانت تأخذ المال لها وحدها ولم تعطي لأمه إلا القليل، أما الباقي فقد اشترت ما يكفيها  و يزيد لها ولأبناءها من ملابس و حُليّ!

وبالفعل في اليوم التالي ذهب ضياء إلى إحدى محلات الصاغة و جعله يقسم بالجرامات القطع الذهبية بينه و بين أخته، ولم يكن نصيب قمر سوى خاتم، حلق طويل و عقد حمدت ربها عليهم وترحّمت على والديها، وبعدها ببضع أيام سافر بعد ما وصى كلًا منهما على الأخرى….

………………….

الفصل الثالث عشر

سافر ضياء و قلبه مطمئن على أخته زوجته و أبناءه؛ بالطبع كان يظن مدى الأمان و الإطمئنان لكون الجميع يحيا معًا.

والله طيب ياابن الناس الطيبين!

كانت قمر لا تزال في عزلتها في غرفة أمها بين الصلاة، الذكر وقراءة القرآن و أحيانًا تجلس مع أبناء أخيها لا تشغل بالها بأعمال البيت؛ فقد زهدت كل شيء و فقدت روحها ولم يعد لها طاقة.

لكن وجود قمر في حد ذاته في البيت كإقامة مستديمة كان أمرًا مزعجًا لعبير رغم عدم تدخلها في أي شيء.

حتى جاءتها ذات يوم في غرفتها، فطرقت الباب فأذنت لها قمر فدلفت فابتسمت لها قمر مرحبة: كيفك يا بت عمي؟

فأجابت على مضض: نحمده.

لاحظت قمر تغير لهجتها و امتعاض وجهها لكنها لم تعلّق و تابعت: ضيا كلَّمك جريب؟

فأجابت بجفاف: كنّك ما عيشاش ف زماننا! ما حدش جالك على اختراع اسمه النت! الناس عتتكلم صوت وصورة كماني، دي المرحومة أمك كانت أنصح منك على إكده!

فتنهدت قمر قائلة: معلهش أصلي كُت منفية في بلاد الواء الواء!

ثم قالت بجدية: ما تجيبي م الآخر يا عبير بدل ما انتِ عمّالة تلفي و تدوري إكده!

فابتسمت عبير قائلة: طول عمر مخك نَضيف يا بت عمي، شوفي بجا جعدتك دي ما ترضيش حد واصل.

فأجابت بعدم فهم: كيف يعني؟! ده أنا جاعدة ف بيت أبويا.

فأجابت بمكر: وهو فين أبوكِ ولا فين أمك؟! الله يرحمهم جميعًا!

فتابعت: ما فهماش!

فأكملت بنفس مكرها: جصدي أجولك إن دي بجا بيتي و بيت جوزي و عيالي، وانتِ جعدتك طَوَلت، و أخوكي ما جصرش معاكِ ف حاجة واصل الشهادة لله، ومش ذنبه إنك ما عَمرتيش في جوازتك و ما بجيش ملزوم يصرف عليكِ!

وجمت قمر من وقاحتها لفترة ثم قالت: كنّك عايزة تطرديني من بيت أبوي!

فأجابت بنفس سُمها الذي تبخه: كيف ما انتِ واعية عيالي كَتير و البيت عل كد، واللي جاي كد اللي رايح.

فأجابت قمر بحنق: عل كد إيه! ده انتِ واخدة أوضتي للعيال، و ما بجيش غير الأوضة دي، دي أوضة أمي و أبوي! كن أمي لو كانت عايشة كُتي رمتيها على إكده!

فتأففت قائلة: الله يرحمها ماتت! والحمل زايد على خوكي.

– بس أنا ما شايفاش إن الحمل زايد ولا حاجة، ده الله أكبر ربنا يزيدكم يا رب! دهبك يمين وشمال ولبسكم حاجة ماشاء الله!

فصاحت في وجهها: الله أكبر في عينيكِ يا بَعيدة! ربنا يستر علينا! أصلك نحس وبومة صُح كيف ما حماتك جالتلك!

فنهضت واقفة في وجهها: مجبولة منك يا مرت أخوي! يا بت عمي! يا لحمي يا دمي! والمفروض أعمل إيه!

فتأففت وقد شبكت ذراعيها أمام صدرها: ما يخصنيش، اتصرفي، لكن انا ما هصرفش عليكِ تاني.

فتجمع الدمع في مقلتيها وقالت بصوتٍ متحشرج: فوتيني لحالي يا عبير.

فاتجهت ناحية الباب و قبل أن تخرج التفتت إليها وهي تقول: ياريت تكون آخر مرة أفتح الموضوع دي.

فصاحت فيها قمر باكية بحرقة: جولتلك فوتيني لحالي!

فتركتها عبير وهي تتبختر بكبرياء و تهمس لنفسها: والله وجه اليوم اللي ههط وشك ف الطين واخلي اللي ما يشتري يتفرِج عليكِ، جال كان طموحك مالوش حدود جال!

وبعد أن تركتها عبير ظلت تبكي وتنتحب وهي لا تدري ماذا تفعل!
لماذا تنهدم فوق رأسها كليًّا؟
لماذا تُظلم كل الأنوار أمامها؟
لماذا تعاني و تعاني و تعاني وبين كل معاناة و معاناة… معاناة؟

لماذا كل هذا الظلام يا قمر؟!

فابتسمت بسخرية قائلة لنفسها: أديكي جولتيها، جمر! و الجمر ما بيكونش غير في العتمة، ويظهر إن مكتوب لي أفضل ف العتمة عشان بس إسمي جمر!

فتزيد من نحيبها أكثر و أكثر، ثم تنوي شكوى عبير لأعمامها، لكنها كلما ذهبت لبيت أحدهم وجدت استقبالًا فاترًا، بل أحيانًا طردًا بالذوق؛ فقد نبهت عليهم عبير جميعهم ألا يستضيفوها في بيوتهم، فهي امرأة مطلقة و تخطط لأن تصيد أي رجل من زوجته، فكانت بمجرد أن تطأ قدمها دار أحدهم و قبل أن تبدأ في أي كلام يكون قد انتهى اللقاء!

كانت قمر حزينة للغاية و كأن أبويها ماتا اليوم، وكلما ابتلعت ريقها لم تذُق إلا طعم العلقم، وكلما تطلعت أمامها لا ترى إلا السواد بل لا تكاد لا ترى شيئًا من مستقبلها، بل لا ترى حتى كف يدها.

و تغلقّت كل الأبواب في وجهها، وذات يوم بينما كانت تجلس على دكة أمام باب البيت مهمومة، بائسة و مدثرة نفسها بعباءة سوداء كبيرة، و تهبط من طرف عينها دمعة من حينٍ لآخر خِلسة.

ليتفاجأ بها ذلك الرجل الطيب مجاهد إمام المسجد فهرول نحوها ثم جلس على حجر كبير أمامها مناديًا عليها برفق: جمر، جمر يا بنيتي.

فنظرت إليه وهي تمسح دمعتها سريعًا بطرف حجابها: عمي الشيخ مجاهد.

فتسآل بقلق: مالك يا بنيتي! وإيه الجاعدة دي اللي جدام الرايح و الجاي!

فأجابت بصوتٍ مختنق: أمال اجعد فين؟!

فاندهش الرجل قائلًا: سلامتك يا جمر يا بنتي! إنتِ جدام بيتكم!

فأومأت برأسها أن نعم بحسرة، ثم قالت بمرارة: وانطردت منيه يا عمي!  والعيلة الطويلة العريضة دي جت ف صف عبير ضدي، تصور يا عمي طلعت عليّ سيط إني بلف عليهم عشان أصيد راجل و اتجوزه!

ثم صاحت: آه يا وجع جلبي من بعدك يا با! آه يا بهدلتي من بعدك يامّي!

ثم كتمت فمها بطرف حجابها ماسحة فيه دمعها، فأسرع الرجل قائلًا بضيق: استغفري ربك وبلاه النواح دي! عايزة تترمي ف جهنم، يبجى تتعذبي في الدنيا والآخرة!

ثم قال بنبرة أكثر حنانًا: إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب، عتخشي الجنة من غير حساب عتعوزي إيه تاني!
بصي يا بنيتي بدال مااتسدت في وشك من كل جيهة يبجى دي عشان ربك هو اللي عيجضيها بجدرته ومشيئته، إن مع العسر يسرا و دعوة المظلوم يا بنيتي بتطلع لربك بدون حجاب.

فمسحت دمعها و أنفها بطرف حجابها وقالت: طب أعمل إيه يا عمي! حتى علام ما اتعلمتش ولا خت شهادك كُت اشتغلت بيها.

فتسآل بتعجب: كنّك عايزة تشتغلي!

_ هو عيب ولا حرام يا عمي!

_ لا بنيتي لا عيب ولا حرام، بس أنا ف مجام أبوكي و اللي تطلبيه أنا سدّاد ولا لحوجة ولما ياجي ضيا بالسلامة إن شاء الله لي صرفة وياه.

_ لا يا عمي، أنا عندي عِزة نفس وما عجبلش إنك تصرف عليّ.

ثم قالت: أنا عارفة إن حداك أرض، شغِّلني عنديك نفر ينوبك ثواب فيّ!

_ لا بنيتي دي شغلة صعيبة جوي عليكِ وإنتِ ما عتتحمليش.

_ لا يا عمي إطمن، أنا شديدة جوي و ربي عيجويني!

سكت الرجل لفترة ثم تنهد قائلًا على استحياء: لو مصرة ع الشغل، يبجى أحسن لك تاخدي بضاعة من عِندي و تطلعي م الصبح وتبعيه ف السوج و رزجك على الله، والمكسب كله ليكِ وما عخُدش إلا تمن الحاجة وبس غير يوميتك.

ثم تابع: يعز عليّ والله اللي عطلبه دي! لكن إنتِ اللي مصرة! طب ما تراجعي نفسك واجعدي معززة مكرمة.

_ لا ياعمي، الشغل لا عيب ولا حرام، موافجة أبيع كنت سواعي بجف ف دكانة أبوي الله يرحمه وأبيع للناس و كان يجولي إني شاطرة…

ثم دمعت عيناها من جديد، فأكمل مجاهد: الله يرحمه! أيوة صُح كُت عشوفك وجتيها.

_ لكن السوج إهني كل اهل البلد عيعرفوني!

_ لا مش إهني، عستناكي بعد صلاة الفجر وأنا ماشي م المسجد ألاجيكي جاهزة و تمشي معاي لحد الأرض ويا غيرك اللي جايين يخدوا البضاعة و بعد كده عتركبي العربية اللي رايحة نواحي أبو تيج عند نزلة باجور.

_ نزلة باجور!

_ عارف إنه مشوار، لكن غير إنه بعيد عن أهل البلد اللي لا ليهم شغلة ولا مشغلة غير اللت و العجن، كماني أنا ليّ ولاد عمي فاتحين دكانة في السوج اللي هناك عبيعوا فررايج و حمام وبط، يدبحوا و ينضفوا، دول رجالة جدعة عتروحي تجعدي جار الدكانة و تبجي ف حماهم عشان ماحدش يتعرض ليكِ و ابجى مطمّن عليكِ.

_ ماشي يا عمي، ربي يبارك فيك!

ثم شردت قليلًا وهي تبتسم بسخرية، فتعجب الرجل وهو يزم حاجبيه: مالك يا جمر!

فأجابت متهكمة: أصلي كُت بروح باجور زمان وأنا لسه طالبة ف ثانوي أحضر أوائل الطلبة بينا و بينهم، دلجيتي رايحة اجعد أبيع ف السوج!
ثم ضحكت بسخرية…

فقال الرجل بصوتٍ حانٍ: إطمني يا بتي، وما ربك بظلّامٍ للعبيد، وعتشوفي كيف ربنا عيفتحها ف وشك من أوسع أبوابه، وكيف مافي ليل في نهار، وأشد ساعة في الليل سواد اللي جبل شروج الشمس.

فتنهدت قائلة: ونعم بالله!

………….

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان