ثلاثية مصطفي الفقي لمستقبل مصر والعرب

ليلى خليل

صدر في مطلع العام الجاري للدكتور مصطفى الفقى ثلاث كتب عن الهيئة العامة للكتاب، تتسم بالموسوعية، تنطوي على دروس الماضي، ومشكلات الحاضر، ورؤى المستقبل. تجمع مصر والعرب والعالم في مشهد واحد.

الأول “مصر الحديثة… أفكار جديدة”، يناقش فيه قضايا تخص مستقبل مصر، دون أن يتجاوز الواقع، مثل قضايا التعليم والبحث العلمي، وحال الجامعات المصرية، وقضايا التسامح الديني يتجاوز التناول التقليدي للعلاقة بين المسلمين والأقباط إلى موضوعات شائكة مثل المثقفين والأزهر، وتجديد الخطاب الديني، والحداثة والعلمانية،

وقضايا تتصل بالأفق السياسي مثل الديمقراطية، والانتخابات، والخلافات السياسية، وحيوية البرلمان، وتفكيك بعض الأوهام حول بعض التابوهات السياسية سواء اتصلت بحقب تاريخية أو أشخاص. ولا يخلو الكتاب من خطابات تفاعل من خلالها المؤلف مع شخصيات مهمة سياسيا وإعلاميا وثقافيا، وحوارات صامتة أدارها في داخله حول تحولات الواقع أقرب إلى اختلاء بالذات في وقت التحولات، أصداء لسيرة ذاتية لم يكتبها الدكتور مصطفي الفقي بشكل متكامل إلى الآن، وإن كان بصدد ذلك في الوقت الراهن.

الكتاب الثاني “وتبقى مصر”، يطرح فيه المؤلف قضايا تتصل بمصر، التي يريد لها التقدم، وتتبين من مطالعة الكتاب، أن المؤلف ضج بشعارات لم يعد لها ما يترجمها في الواقع، ويشغله فقط مستقبل مصر، يستشرفها بخبرة دبلوماسي ورجل سياسة ومثقف، يناقش الربيع العربي، وعلاقات مصر الخارجية، والقوى الناعمة التي يحتاج المجتمع إلى استعادتها، والدور الإقليمي لمصر، وعلاقاتها بمحيطها العربي، والعلاقات المصرية الاثيوبية،

وأزمة سد النهضة، ومياه النيل وإسرائيل، وتساؤلات العلاقات بين مصر والسودان، ومن أكثر ما يلفت في الكتاب فصل بعنوان أوراق ينبغي قراءتها، يتناول فيه الحصار الإعلامي على مصر، واشتباكات السياسة خاصة في السنوات الأخيرة من خلال استعراض عدد من الشخصيات مثل أردوغان، وترامب، وبوتين، ومهاتير محمد، يتناول سياسات العواصم الخارجية تجاه مصر، ويختم حديثه بالتوقف أمام الثقافة. ينبه إلى أحد مجالات القوة الناعمة المصرية من المجمع العلمي إلى مكتبة الإسكندرية، رصيد العلماء، والثقافة والتحول الاجتماعي، وأهمية التكنولوجيا، وأهمية إطلاق القمة الثقافية العربية أسوة بالقمم السياسية.

وفي الكتاب الثالث “العرب… والذاكرة القومية”، يطرح الدكتور مصطفي الفقي عددا من القضايا الإشكالية التي تؤرق العرب في ماضيهم وواقعهم ومستقبلهم، ينطلق فيه من أن ذاكرة الأمة هي خزينة خبراتها التي تنتقل منها إلى المستقبل، هي تراث انساني وليست مجرد أشعار الماضي الحماسية، وعندما تغيب ذاكرة أمة معينة عن وجدانها تفقد البوصلة، ولا تستطيع التحرك إلى الأمام. يناقش الكتاب قضايا مهمة تتصل بمشكلات الواقع العربي مثل ثقافة الحوار، والتيارات الفكرية، والسياسة والإعلام في العالم العربي، أزمة الثقافة والتحديث، والبحث عن نماذج إصلاحية، يعرج على الربيع العربي، يقف أمام ما حدث فيه موضوعيا، لا يحمل له رفضا ولا قبولا، فقط تقييما لما حدث، وما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية، ويتناول تفاعلات المنطقة العربية مع التحولات العالمية من الصين والهند إلى الولايات المتحدة، دول الجوار مثل تركيا وإيران،

والمنظمات الدولية، وقد أنطوى الكتاب ضمن فصوله على عدد من المقاربات المهمة لعلاقات التنوع الديني في المحيط العربي، تناول الإسلام المفترى عليه، ومعاناة الأقليات المسيحية، وتحدث عن الإرهاب الذي ضرب المنطقة، وآثاره الوخيمة، داعيا إلى تأهيل الأجيال الجديدة لوعي شامل يقوم على مفهوم مشترك لمعني العروبة، في وقت يموج فيه العالم بصراعات دامية ونزاعات مسلحة، ويخاطب الذاكرة العربية قائلا: يا أيتها الذاكرة العربية استيقظي من سبات، وافتحي الأبواب والنوافذ حتي تدخل أشعة العصر، وأضواء العلم، وأنوار المعرفة.ِِ

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان