“تحرير سيناء ” وقفة الصمود والتحدى “للشعب المصرى “العظيم

بقلم الدكتور مجدى عجمية /

فى الذكرى الرابعة والثلاثين لتحرير أرض سيناء المقدسة، التى تمّ تحريرها بعد مسيرة الكفاح والنضال والصمود والتحدى فى شتى ميادين الحرب والقتال جواً وبحراً وبراً، حتى ارتوت أرضها الطاهرة بدماء جنودنا الأبطال وشهدائنا الأحرار فى حرب أكتوبر المجيدة 1973، ثم استكمل استرداد أرضها بمقتضى اتفاقية السلام، ونحن إذ نتذكر هذه الذكرى العطرة وهذا التاريخ المشرف من تاريخنا المعاصر لاننسى لحظات مضيئة فى تاريخ شعب مصر الأصيل الذى لم يستسلم لنكسة يونيو 1967 و قبَل الصمود والتحدى ، ولم يبخل بقوت يومه وثروة أولاده وأرواحهم ودمائهم فى التضحية والفداء حيث عاش سنوات حاسمة تحمَل فيها كل فرد قلة الدخل والتقشف وربط الحزام صغاراً و كباراً، عمالاً وفلاحين، مسلمين ومسيحيين ، النخبة المثقفة وعامة الناس وتقدمت كل فئة بالمساعدات المادية والمعنوية فمن النساء مَن تبرعت بحليها ومن الاعبين من شارك فى مباريات ومن الفنانين مَن أقام حفلات للمجهود الحربى،

أما كوكب الشرق أم كلثوم فقد طافت دول العالم شرقاً وغرباً تقيم الحفلات وتغرد بصوتها الجميل من أجل وطنها من أجل مصر ، فوفرت العملة الصعبة التى نحتاجها من أجل شراء السلاح و استيراد المواد الغذائية الضرورية فقط حيث توقف استيراد أى شئ عدّ رفاهية وترفاً فى ذلك الوقت مثل ياميش رمضان وقمر الدين والبرفانات وأدوات التجميل والمنسوجات والسيارات وأجهزة التكييف وصارت الحياة الاجتماعية بسيطة للغاية والأكثر من ذلك أن الأم المصرية قادت الأزمة الاقتصادية لأسرتها من بيتها بقبول عن رضا طوابير الحصول على القوت الضرورى ببطاقة المجمعات من زجاجة زيت و كيلو من حت الأرز وقطعة صابون شهريا للفرد ودجاجة مثلجة أو كيلو لحم مستورد لكل أسرة، و بإعداد الطعام القليل التكلفة والمساعدة فى تجهيز المنتجات كالخبز والمربات والمخللات وخياطة الملابس والتطريز وأطقم الفرش وتجهيز العرائس والمهور كانت بسيطة لا مبالغة ولاغلو فيها وتحمل المواطنون ملابس الكساء الشعبى من الكستور والتيل وأحذية( باتا ) فكانت الحياة يعتريها التقشف التام فى كل شئ وكان صوت الغارات والتحرك للمخابئ شيئاً عادياً ، و الحوائط والدشم وشكارات الرمل أمام المنازل والمبانى، والعيش على ضوء الشموع ولمبة الجاز واللون الأزق يغطى الزجاج وكشافات السيارات وأصبح التقشف سمة أساسية فى كل شئ ؛فلامجال للتطلعات ولا البذخ فى المصروفات وصارت جميع المدارس والجامعات والمنشآت والمؤسسات الحكومية تكتفى بميزانية محدودة للغاية لاتفى بتحقيق أهدافها وأصبحت المقولة العليا للقائد والشعب ” لاصوت يعلو على صوت المعركة ”

هذا وقد تدرب الشباب والطلاب فى المدارس الثانوية والجامعات على حمل السلاح والدفاع المدنى ودرسوا مادة التربية العسكرية وتحولت بعض المدارس إلى ثانوية عسكرية وكان الأطفال والتلاميذ محاطون بظروف الحرب فى كل شئ حتى إنهم تعرضوا لهجوم غاشم بطائرات العدو فى مدرسة بحر البقر، وتهدمت مساكن المصريين فى مدن المواجهة مع العدو فى السويس والاسماعيلية وبور سعيد والعريش وبور فؤاد وغيرها و كان منهم من استشهد ومنهم من هاجر إلى مدن أخرى وما أدراكم بمرارة الهجرة وترك الديار ..

هكذا كان الشعب المصرى العظيم ملتحماً مع قيادته صامداً ومتحدياً حتى خاض معركتى الحرب والسلام..وإذا تأملنا صراعات الدول الاستعمارية حول الشرق الأوسط لوجدنا هناك تصميم استعمارى على تقسيم العالم العربى وأصبح ظاهراً لكل عاقل مايفعله المستعمرون فى الشرق الأوسط وما أشبه اليوم بالبارحة ؛ فنحن الآن نعيش حرباً شعواء ضارية ولكنها ليست حرباً تقليدية بل حرباً حديثة متطورة تثير الفتن الدينية والاضطرابات الاجتماعية واستغلال ظروف الناس وحرب الشائعات المغرضة فى تفتيت المجتمع وضرب وحدته وتماسكه وتستخدم فيها الوسائل الكترونية( كالانترنت والوات ساب والفيس بوك والموبايلات ..وغيرها) ويؤثرون على قطاعات من الناس يخيم على عقولهم الجهل ،أو يجتاحهم الاحتياج والعوز، وينقصهم الإيمان بقضايا الوطن والصبر والتضحية من أجل الدفاع عن كل حبة تراب من أرضه المقدسة، ويتناسون ماقامت به الدولة بعد ثورة 30 يونيو المجيدة من إنجازات عظيمة فى فترة وجيزة من تحقيق الأمن والاستقرار فى الشارع المصرى ومواجهة قوى الإرهاب الفكرى والعسكرى المحلى والإقليمى والدولى داخلياً وخارجياً ،والحرب الاقتصادية من خلال تحجيم السياحة ومحاربتها ، وسحب الدولارات للخارج مما أدى إلى زيادة سعر الدولار، وبرغم ذلك كله هناك جهود عظيمة تبذلها الدولة ؛ منها قناة السويس الجديدة ومشاريع شرق التفريعة واستصلاح الطرق وزيادة رقعة الأرض الزراعية ومشروع استصلاح مليون ونصف فدان من أجل تعمير مدن القناة وفتح مجالات جديدة للاستثمار ومشروعات تنموية فى سيناء من مناطق اقتصادية، وتجمعات سكانية وزراعية، بخلاف توفير المياه اللازمة للرى، وغيرها من المشروعات الواعدة كإنشاء الأنفاق أسفل قناة السويس لربط أرض الفيروز بباقى أجزاء الوطن، إضافة مشروعات التعدين والزراعة والثروة السمكية، بما يوفر فرص عمل لشباب سيناء ومدن القناة..

وبذلك تكون الذكرى العظيمة درساً لنا جميعاً لمعرفة حقائق التاريخ وصمود الشعب المصرى العظيم وسيظل التاريخ يكتب بحروف من نور ملحمة شعر عربى أصيل أدرك معنى الحرية وقدس أرض وطنه فلم يبخل ولن يعجز عن بذل الغالى والرخيص والتضحية والفداء من أجله ..تحية إعزاز وتقدير لجنود مصر الشرفاء ودعواتنا بالترحم على أرواح الشهداء والتوفيق فى الحياة لأبنائهم ولأسرهم الذين تحملوا الكثير والكثير ..ولتحيا مصر وشعبها الأصيل وجيشها العظيم وقائدها البطل الجسور عبر الأيام والسنين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان