بوتين:لن نقبل بنظام عالمى يقوده زعيم واحد

اللواء الأخبارية : خالد متولــى

يتواصل الحديث عن خلافات أوروبية مع الولايات المتحدة حول الأزمة الأوكرانية، وتحديدًا حول تسليح واشنطن وحلف الناتو أوكرانيا، الأمر الذى يثير الكثير من التساؤلات والامتعاضات من جانب موسكو وبعض العواصم الأوروبية الأخرى.

حلف الناتو: يجب ألا نستبعد إمكانية الخيار العسكرى لتسوية الأزمة الأوكرانية

فقد أعلن السفير الروسى لدى الناتو ألكسندر جروشكو، أن الحلف الذى يخضع للنفوذ الأمريكى يحاول دق إسفين بين الدول الأوروبية وروسيا.

وذكر السفير حلف شمال الأطلسى ليس كتلة متجانسة، ومن بين دوله تلك التى ترى فى الناتو آلية لإبعاد روسيا عن أوروبا.

وذكر جروشكو أن العلاقات الحالية بين روسيا والناتو قريبة من نقطة التجمد وهى تنحصر فى حوار سياسى على مستوى البعثات الدبلوماسية والسفارات، موضحًا أنه تم طى صفحة التعاون الثنائى فى جميع المسارات التى كان الجانبان يعتبرانها ذات أهمية بالغة، كالوضع فى أفغانستان ومكافحة القرصنة والإرهاب.

وشدد جروشكو على أن موسكو لم تبادر إلى تجميد العلاقات مع الحلف، مشيرًا إلى أن الناتو هو الذى قرر إنهاء جميع الاتصالات مع موسكو فى 1 مارس 2014 وسط مواصلة روسيا عملها على إعداد مشروعات مشتركة.

إن الاتهامات المتبادلة بين موسكو وواشنطن تارة، ولين الكرملين وحلف الناتو تارة أخرى، وبين روسيا والاتحاد الأوروبى تارة ثالثة، تعطى انطباعا باختلاط الأوراق، ما يسفر عن عملية تعتيم حقيقية على ما يجرى فى القاهرة الأوروبية التى تواجه واحدة من أكبر محنها فى التاريخ الحديث، وهى محنة التهديدات المحيطة بالأمن المشترك الذى بدأ يتهاوى تحت معاول الخلافات والصراعات السياسية والجيوسياسية والأزمات المالية والاقتصادية، وتعرضها لضغوط غير مسوقة من جانب واشنطن مقابل الحفاظ على أمنها.

فى تصرح حاد، اعتبره المراقبون شكلا من أشكال التحدى للولايات المتحدة، أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يوم السبت 7 فبراير، أن ما يجرى حاليا ليس حربا ضد روسيا، بل محاولة لتجميد تنميتها، مؤكدا أن نظاما عالميا يقوده زعيم واحد أمر لن تقبل به موسكو.

وقال بوتين خلال اجتماع اتحاد النقابات الروسية فى مدينة سوتشى على البحر الأسود إنه لا توجد حرب ضد روسيا، مؤكدا فى الوقت نفسه أن هناك محاولة تجميد تطور الدولة عبر طرق مختلفة، إلى جانب محاولة إخفاء النظام الذى تشكل فى العالم فى العقود الأخيرة عقب انهيار الاتحاد السوفيتى، وهو نظام زعيم واحد وغير مشروط، يرغب فى أن يبقى وضعه على ما يكون عليه.

وأضاف أن ذلك الزعيم يعتبر أنه يمكن أن يفعل كل شئ، وأما الآخرون، فيمكن لهم أن يفعلوا فقط ما يسمح به الزعيم ووفق مصالحه البحتة.

وشدد بوتين على أن هذا النظام لن تقبل به روسيا أبدا.

جاء تصريح بوتين فى ظل إصرار أمريكى على تنفيذ رؤية واشنطن للتسوية الأوكرانية من جهة، وقيادة الولايات المتحدة لمعسكر فرض العقوبات ضد موسكو من جهة أخرى.

فعلى الرغم من عقد لقائى قمة فى كييف وموسكو، ضم الأول الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأوكرانى بيترو بوروشينكو فى كييف، وضم الثانى الرئيس الفرنسى والمستشارة الألمانية والرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى موسكو، إلا أن تصعيدا خطيرا تقوده الولايات المتحدة وحلف الناتو ضد روسيا بسبب ما يجرى فى أوكرانيا.

لقد انعقدت قمتا كييف وموسكو، ثم قمة مينسك فى 11 و12 فبراير الحالى، بعيدا عن الحضور الأمريكى الذى أصح يشكل عبئا على أوروبا، حيث تطالب واشنطن بفرض المزيد من العقوبات ضد موسكو من جهة، وتطالب دول الاتحاد الأوروبى بزيادة ميزانيات الدفاع فى ظل الأزمة الاقتصادية من جهة أخرى.

على هذه الخلفية، قال القائد الأعلى لقوات حلف الناتو فيليب بريدلوف إن على الغرب ألا يستبعد إرسال أسلحة ومعدات عسكرية أخرى لمساعدة الجيش الأوكرانى فى حربه بشرق البلاد.

وجاءت تصريحات بريدلوف فى سياق المناقشات الجارية فى واشنطن حول ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة إرسال أسلحة إلى الجيش الأوكرانى.

وقال جنرال سلاح الجو الأمريكى بريدلوف يجب ألا نستبعد إمكانية الخيار العسكرى، مستدركا بأن الحديث لا يدور حول إرسال جنود.

وأشار، فى تصريح خلال مؤتمر ميونيخ السنوى للأمن، إلى أن الأوكرانيين صريحين فى طلب الخبرات التى يحتاجونها من كل دول حلف شمال الأطلسى ودول أخرى أيضا لحل مشكلات المدفعية وحل مشكلات الاتصالات ومشكلات التشويش.

ولفت إلى أن الموقف يسوء وهناك حاجة إلى علاج الموقف المتفاق، وأنه من المهم استخدام جميع الوسائل المتاحة لدى الحلف لعلاج هذا الوضع.

وشدد على القوات الروسية والقوات الموالية لروسيا تغير الوضع على الأرض من أجل أن تكون فى وضع أفضل فى أى حل يأتى، والحلف يحتاج إلى الإبقاء على الضغط.

واتهم قائد قوات الناتو الأعلى روسيا بتزويد “الانفصاليين” فى شرق أوكرانيا بأكثر من 1000 عربة قتالية، بالإضافة إلى تقديم “خبرات فى الدفاع الجوى والحرب الالكترونية والقيادة والتحكم”، إلا أنه قال إن الحلف لم ير تشكيلات نظامية كبيرة من القوات المقاتلة.

وعلى النقيض من ذلك، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الغرب يرغب ببناء الأمن الأوروبى بالشراكة مع روسيا وليس ضدها.

واعتبرت ميركل، فى كلمتها خلال مؤتمر الأمن فى ميونيخ، أن زيادة توريدات الأسلحة لأوكرانيا لن تسهم فى حل الأزمة.

وأضافت بأنه على روسيا أن تساهم بقسطها فى تسوية الأزمة الأوكرانية، لا يمكن حل هذه الأزمة عسكريا.

وتطرقت ميركل إلى قضية بناء “أوروبا الكبرى من فلاديفوستوك إلى لشبونة”، منوهة بأن هذا مستحيل بدون حل النزاع فى أوكرانيا، وقالت إن شرط وأساس بناء “أوروبا الكبرى” هو تجاوز أزمة أوكرانيا مع مراعاة القانون الدولى.

وعلى الرغم من الخلافات الواضحة بين الدول الأوروبية من جهة، وبين بعض الدول والولايات المتحدة بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية والعلاقات مع روسيا، قال ألكسندر فيرشبو نائب الأمين العام لحلف الناتو إنه يتعين على الغرب أن يعد نفسه لمواجهة طويلة مع روسيا بشأن أوكرانيا وألا يستأنف العلاقات معها بسرعة كما فعل بعد الحرب فى جورجيا.

وأشار فيرشبو إلى أنه يجب أن يتخلل استراتيجية حلف الناتو الصبر والمثابرة. إذ أن روسيا تتوقع من الحلف أن يتخلى عن العقوبات ويعود إلى العلاقات الطبيعية من دون تغيير سلوكها.

وأضاف فيرشبو، وهو ثانى أهم مسؤول مدنى فى الحلف والسفير الأمريكى السابق لدى موسكو، بأن هذا بالأساس ما فعله الحلف، وما فعلته الولايات المتحدة، بعد الحرب فى جورجيا عام 2008 لكن هذه المرة “علينا أن نلزم المسار الذى اخترناه”.

ومن جهة أخرى شدد فيرشبو على أن الحلف لا يسعى إلى المواجهة مع روسيا ولا يتطلع إلى تغيير نظامها، مضيفا أن ما يريدونه حقا هو أن تغير سلوك موسكو سلوكها.

وقال إن روسيا تطمح إلى إعادة تثبيت موقعها بين محيطها والسعى إلى بناء تحالفات بديلة عن الغرب، مشيرا إلى أن موسكو مصممة على ما وصفه بـ “المفاجأة والصدمة والترهيب”، مع اعتمادها مبدأ التدريبات العسكرية المفاجئة مثل تلك التى تجرى حاليا فى منطقة كالينينجراد.

ومن الواضح أن هناك عملية توزيع أدوار بين عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة فى المواجهات الباردة التى تجرى فى العامين الأخيرين مع روسيا، فقد أعلن المندوب الروسى الدائم لدى حلف الناتو ألكسندر جروشكو أن تعزيز قدرات حلف شمال الأطلسى على الحدود مع روسيا فى شرق أوروبا محاولة للضغط على موسكو، مؤكدا أن الرد الروسى سيكون مناسبا. وشدد جروشكو على أنه لا توجد أية آفاق لمثل هذا الضغط على روسيا، مؤكدا أن القرارات التى اتخذها وزراء دفاع دول الناتو فى اجتماعهم يوم الخميس الماضى تخلق توجها سلبيا جدا فى مجال الأمن، وأن الحلف سيمارس سياسة المواجهة فى المستقبل القريب.

وأوضح محذرا أنه سيصعب تجاوز التداعيات السلبية لهذه القرارات وهذه السياسة.

من جهة أخرى أكد جروشكو أن الكرة الآن فى ملعب الناتو وموسكو تتوقع منه طرح اقتراحات خاصة باستعادة الثقة المتبادلة للتعاون فى حل القضايا الدولية، لأن الحلف هو الذى قرر وقف التعاون بين الجانبين. وأشار إلى أن موسكو تقوم بحل المسائل المتعلقة بحوادث التقارب الخطر بين طائرات روسيا والناتو من خلال قنوات ثنائية مع ممثلى الحلف، مؤكدا أن كل تحليقات الطائرات العسكرية الروسية تجرى وفقا لقواعد المنظمة الدولية للطيران المدني، دون أن يشكل ذلك أية عقبات للملاحة الجوية التجارية الدولية.

وفى سياق ذى صلة، أكد جروشكو أن قيام دول الناتو بتزويد أوكرانيا بالسلاح أمر مرفوض قد يؤدى إلى عواقب خطيرة لا يمكن التنبؤ بها.

وقال إن الناتو يلعب دورا مضرا للغاية فى الأزمة الأوكرانية بموقفه السياسى ودعمه العسكرى التقنى لكييف ومحاولاته تحميل روسيا المسؤولية عن تفاقم الوضع، مشيرا إلى أن ذلك يؤدى إلى تأجيل إيجاد حل سياسى للأزمة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان