.. المعنى الآخر للغروب فى الرواية العربية ..
جلال معوض يكتب :
( الغروب) .. ليس فقط تلك اللحظة التى تمر من عمر الزمن كل يوم !! ( الغروب) هو دنيا وعمر وحكايات وفلسفة كونية تتجدد وتتواصل من آلاف آلاف السنين بعمر الأرض حتى قبل أن يهبط ( آدم) عليها ، ( الغروب) كالكائن الحى له عمر محدد من الخالق سينتهى حتى وإن طال الزمان به ، لا بد أن يطوى كطى السجل للكتب ، ( الغروب) سر كونى له أسراره وغموضه وحكاياته ، هابه الإنسان منذ الأزل وسيهابه إلى أن تقوم الساعة ، لن تفهم ( الغروب) إلا حين تألفه ويألفك حينها سيتحد معك ، وتصل لبعض من أسراره ، وقتها ستكون ( المغترب العائد من الغرب ) وهم قليلون بين البشر من آلاف السنين ، ومنهم ( الشاطر إسلام ،، العائد سالما من ( غروب الشمس ) ، والشمس مجرد رفيق لإسلام جمال فى رحلة الأسرار الخفية التى لا Ty نعرفها ، ؟؟!!؟؟ .. إسلام جمال .. أديب وكاتب شاب ، كثيرون لم يصادفهم هذا الروائى المبدع والقاص الحكاء الشاطر ، وأيضا يعرفه كثيرون ، ولكن لا يعرفونه كما أعرفه .. أتذكر دائما حينما يقفز إلى ذهنى إبداع الشاطر إسلام ، صديقى الكاتب والعالم الدولى وأستاذ العلوم النفسية والسلوكية الأستاذ الدكتور خالد عبدالغنى Khalid Abdelghany وهو رائد تحليل المبدعين من خلال إنتاجهم الأدبى والروائى ، وكيف أن الموهبة والبيئة هما معيار تكوين شخصية المبدع فى أى مجال ، ، ولد إسلام جمال بإحد قرى مركز طهطا بمحافظة سوهاج فى التاسع من مارس عام ١٩٨٩ ، فى بيئة قروية متوسطة الحال وهو أوسط أخوته الستة ، وكانت صدمة اليتم وفقدان السند حينما فقد أبويه بفاصل زمنى عام ، حينما أتم تقريبا مرحلته الإبتدائية ، ولم يبق له غير جدته لأبيه مصدرا للحنان والرعاية وخبرات الحياة ، حينما سألته عن حاله وقتها ، أجابنى بطفولية أسلوبه المعتادة إجابة غريبة جدا !!؟؟ قائلا ؛ لم أجد لى رفيق إلا ( الغروب) !! وإعتادت جدتى وكذلك إخوتى على تركى وتسليمى للغروب من شباك صغير فى منزلنا البسيط حيث كنت أتحد مع الغروب ، أتخطى حدود عالمكم إلى عالمى الخاص ، أحببت الغروب لأننى كنت أرى أمى فيه قريبة منى ومازلت حتى الآن أشعر بحرارة أنفاسها ونظرة الخوف على مصيرى بالحياة وهى تنظر إلىّ بإبتسامة حزينة ، وكذلك أبى أراه حيا يرزق وسندا مقوما ومرعبا لى لحظة الغروب ، يضحك إسلام ويقول كانت ( نداهتى) هى الغروب ، هكذا كانت جدتى تقول عنى ومازالت حتى الآن ،، لقد إستولى على كيانه ( الغروب) بمعناه العميق وتنوع مفرداته الحزينة التى تحمل كل العتاب على (الموت) الذى سلبه أقوى ما يحتاجه صبى صغير لمسيرة الحياة ، حمل الغروب فى تكوين شخصية إسلام معانى عميقة ومفردات متعددة إلى جانب معنى الموت مثل الرحيل والمجهول والحزن والصبر الجميل والوحدة والتوحد والتخيل للحنان والسند والتآلف مع الخوف حتى صار الشاطر إسلام سعيدا بصحبة الغروب ولا يخاف ، فالمخاوف صارت مفردات أليفة بداخل شخصيته الطفولية وكونت مكنونه وكوكبه الأدبى والإبداعى ، تآلف مع حياة الموت والعالم الآخر فدرس علم المصريات ، ورأى الشاطر إسلام أنه يقدس الموت ويتآلف معه مثلما كان الحقيقة الكاملة فى حياة أجداده المصريين القدماء ، عشق العرابة المدفونة ( أبيدوس) التى تمثل أرض غروب الأرواح ورحيلها إلى المجهول وكل معنى للموت، جبانة أوزير قاضى محكمة الآخرة والمحدد لمصير الموتى منذ عصور غابرة هى عشق إسلام جمال الأول والأهم فى عالمه الخاص ، يتحدث فيها بل يرحل عن عالمنا ويتحد مع النتر ( القوة الكونية) أوزير المشرف والمتصدر للغرب وحاكم مملكة الغروب والموتى ، فهو على حد وصفه لنفسه ( كاهن بنى عبقر) ، وبنى عبقر هو وادى الجن فى الجزيرة الأسطورية حيث يعيش جن إبداع إسلام الذى يلهمه ويهبه الطاقة الكونية التى تكفل له إبداعاته وفلسفته الخاصة وقدرته على المسير فى عالمنا الغريب عنه ، حيث يرى نفسه رحالة وعابر سبيل يصادف عالمنا من حين لآخر ،، هذا التكوين المركب والمرعب والفلسفى لكاتبنا الشاب ، كان نتاجه إبداعات روائية متعددة وغزيرة ، سيصدر منها ويتصدر معرض الكتاب القادم روايتان من أجمل ما أبدع وهما ( كاهنة كيمة ) ، و ( سراديب الوهم ) ، بخلفية أدبية أثرت فيها البيئة الصعيدية و الفلسفة المصرية القديمة ، وإبداع الصدمة، وخيال أسطورى رهيب وعشق الغروب بكل معانيه عند إسلام جمال .. لقد أبدع كتاب وروائيون سابقون فى هذا المنحنى الروائى ، ولكن ليس كما أبدع الشاطر إسلام ، سيصل بقارئ رواياته إلى قمة المتعة وإبداع التضاد وسحر الأسطورة وفلسفة الغروب الذى لم نألفه ولم نعرفه كما عرفه إسلام جمال .. .. موعدنا معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠١٩ ،، مع ( كاهنة كيمة ) ومن علمها السحر ، و( سراديب الوهم) .. لكاهن بنى عبقر ، الكاتب والروائى الشاب إسلام جمال .. دار يافى للنشر والتوزيع والترجمة ، وتصميم الغلاف للفنان أحمد الصباغ ..
التعليقات مغلقة الان