تطلق قمة جامعة الدول العربية الاتحاد الأوروبي في شرم الشيخ غدا الأحد الحوارالاستراتيجي رفيع المستوى بين القادة العرب والأوروبيين لبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك في الوقت الذي يشهد العالم تغييرات سريعة متلاحقة على الساحة الدولية من عودة للتحالفات والنزاعات السياسية والحروب التجاريةما يشكل تهديدا قويا للاستقرار والسلام العالمي.
وتؤكد استضافة مصر لتلك القمة التاريخية التي تعقد على مستوى القادة، عودتها بعد غياب دام نحو عشرة سنوات لبؤرة الأحداث الدبلوماسية الدولية حيث كان آخر استضافة لمصر لهذه القمم هي القمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز في العام 2009 والقمة الإفريقية في العام 2008 بمدينة شرم الشيخ، وذلك بخلاف استضافتها للقمة العربية عام 2015.
وتتطلع الدول الأوروبية إلى دور مصر المحوري -التي تولت قبل أسابيع قليلة رئاسة الاتحاد الإفريقي- كركيزة أساسية للاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا التي تشترك فيها عشرة دول عربية، وهي كذلك تعول كثيرا على مساهمة الدبلوماسية المصرية في الجهود الرامية لحل النزاعات القائمة خاصة في سوريا وليبيا والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي واليمن.
وترى أوروبا أن مصر -التي تعد من الدول القلائل التي تشهد استقرارا سياسيا في المنطقة التي ما تزال تؤجج فيها الصراعات، استعادت مكانتها المرموقة على الساحة الدولية كلاعب إقليمي فعال وشريك موثوق به ومؤثر في مجريات الأحداث في المنطقة.
وتعد القمة المرتقبة بداية لدور أكبر للاتحاد الأوروبي في المنطقة الذي يرى أنه بات من الضروري تعزيز التعاون مع الدول العربية المجاورة في ضوء تأثر أمنها المباشر من النزاعات في الشرق الأوسط التي تشهد تدخلات من قوى إقليمية ودولية تؤثر على الأوضاع فيها.
ولن تثني تعقيدات الأوضاع والاختلافات في الرؤى، القادة العرب والأوروبيين من إيجاد أرضية مشتركة لمنصة الحوار المباشر، استشعارا أنه حان الوقت للبحث بجدية عن طرق فعالة لإنهاء حالة الصراع والنزاعات المستمرة منذ اندلاع ثورات الربيع العربي العام 2011 والتي نتج عنها عدم الاستقرار وضياع الأمن في عدة دول، وبالتالي تدفق اللاجئين إلى أوروبا هربا من أتون الحروب.
ومن المؤكد، هناك قائمة طويلة من القضايا محل الاهتمام المشترك التي ينبغي أن تبحثها الدول العربية والأوروبية في القمة، ولكن يتصدر النزاع في سوريا الملفات الساخنة بالرغم من معقدها الشاغر في جامعة الدول العربية، وترى الدول العربية والأوروبية من الأهمية الانخراط بدور أكبر وسط غموض يكتنف العملية السياسية الانتقالية في الوقت الراهن.
ويأمل الأوروبيون التوصل إلى رؤية مشتركة في القمة حول الوضع في سوريا وذلك قبيل مؤتمر بروكسل الثالث حول سوريا الذي سيعقد خلال الفترة من 12 إلى 14 مارس القادم لبحث دعم جهود الوساطة بين الأمم المتحدة والدول المستضيفة للاجئين السوريين.
وسيناقش القادة العرب والأوروبيون في القمة المقبلة عدة قضايا أخرى، من بينها تطورات القضية الفلسطينية والنزاعات في ليبيا واليمن و إدارة الأزمة والاستجابة ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة والحد من التسلح والجريمة المنظمة عابرة الحدود و الهجرة وتغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وبالرغم من أن الملفات السياسية الساخنة ستستحوذ على مساحة كبيرة من المناقشات بين القادة العرب والأوروبيين في قمة شرم الشيخ لما لها تداعيات مباشرة على الأمن والسلام الدوليين، إلا أن القمة ستبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية والأوروبية والعلاقات بين الشعوب والثقافة التي تعد أداة فعالة للتقارب بين العالمين العربي والأوروبي.
التعليقات مغلقة الان