“الأحوال الشخصية”، مشكلة انفجرت فى وجه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال السنوات العشر الأخيرة، التى سبقت موت البابا شنودة الثالث، البطريرك رقم 117 فى تعداد بابوات الكنيسة، بعدما ألغى لائحة 1938، التى وضعتها الكنيسة وظل معمول بها حتى عام 2008، بإباحة الطلاق، وقصره على “علة الزنا فقط”.
وزارة العدالة الانتقالية، أعدت مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين، وأرسلته إلى الكنائس الثلاثة الأرثوذكسية، الإنجيلية، الكاثوليكية ، وأعطتهم مهلة ليرسلوا تعليقاتهم على مشروع القانون، كان يفترض انتهاؤها يوم 26 نوفمبر الماضى، إلا أن الكنائس طلبت مد المهلة، حتى يتسنى لها دراسة القانون جيدا، رغم تلقيها مشروع القانون من الوزارة منتصف نوفمبر.
ما جعل الكنائس تتأخر فى ردها على مشروع القانون، توسعة القانون لأسباب الطلاق والعودة للأسباب التسعة التى ضمتها لائحة 1938، ومنها خيانة أحد الزوجين الزنا ، غياب أحد الزوجين لمدة 5 سنوات وانقطاع أخباره، أو إصابة أحدهم بمرض خطير، أو سجن أحدهم لفترة معينة، إضافة للباب السادس من القانون، الذى خصص فصلًا لـ الزواج المدنى بين المسيحيين، وهو ما رفضته الكنيسة القبطية جملة وتفصيلًا.
يذكر أن تعديل البابا شنودة على لائحة 1938، وإلغاءها وقصر الطلاق على علة الزنا غير قانونى، لعدم غقراره من جانب البرلمان المصرى، أسوة بإقرار اللائحة أو كافة اللوائح المنظمة للشؤون الكنسية، مثل انتخاب البابا وغيرها.
مشروع القانون الذى أعدته وزارة العدالة الانتقالية يضع الكنيسة فى مأزق، لزيادة أسباب الانفصال، وفتح الباب أمام الزواج المدنى، وإذا كانت الكنيسة لا ترغب فى زيادة أسباب الطلاق، فهى لا ترغب فى وجود زواج مدنى يسمح للمسيحيين بالزواج والطلاق بعيدًا عنها.
وقال فادى كريم، مؤسس حركة الحق فى الحياة ، إن هناك أكثر من 300 ألف قضية منظورة أمام المحاكم، ستستجيب لزيادة أسباب الطلاق، لكن سترفض الفصل الخاص بالزواج المدنى.
أما داخل اللجنة الكنسية التى شكلتها الكنائس الثلاثة، فسيطرت حالة من الجدل على الاجتماعات الماضية، بشأن الباب الخاص بالزواج المدنى، فقد رفضت الكنيستان الكاثوليكة والأرثوذكسية، ذلك الباب، بينما وافقت عليه الكنيسة الإنجيلية، وتم الاتفاق على حل الإشكالية بوجود ملحق خاص بكل كنيسة من الكنائس الثلاثة، تحدد فيه الأمور التى ترى أنها تخصها فقط ، لكن بعد جولة من المناقشات، تراجعت الكنيسة الإنجيلية عن موقفها المؤيد للزواج المدنى بمشروع القانون، فيما ينتظر القرار النهائى للكنائس خلال ردها على مشروع القانون.
وإذا كانت الكنيسة تتمسك بحقها فى أن يكون الزواج شأن كنسى تتولى مسؤوليته وحدها، فقد تعرضت لهجوم من قبل الحركات التى نشأت خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، ممن لهم قضايا تخص الطلاق عند المجلس الإكلريكى، وبسبب تعليق القضايا سواء عند المجلس أو المحاكم فى بعض الأحيان لسنوات، فقد طالبوا بوضع قانون مدنى للزواج، يبعدهم عن الخضوع للكنيسة.
وأوضح إسحاق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: لا يجب حل مشاكل المواطينين المسيحيين الخاصة بالزواج والطلاق عند الكنيسة فقط، ولا بد من وجود قانون يسمح بالزواج المدنى، ويجعل للناس مطلق الحرية فى الاختيار بين الزواج المدنى أو الزواج لدى الكنيسة .
وأشار إلى أن جعل الزواج والطلاق فى يد الكنيسة فقط يربط مصير الناس بمن يقود الكنيسة، فلو كانت رؤية قائد الكنيسة محافظة، فإنه سيغلق البابا أمام الناس كما حدث فى 2008 بإلغاء لائحة 1938، فى حين أن باباوات آخرين كان يعملون وفق هذه اللائحة، مثل البابا كيرلس السادس ومن قبله .
أما كمال زاخر، منسق التيار العلمانى القبطى، فأشار إلى أن المجلس الملى لم يضع لائحة 1938 وحده، موضحا أن المجلس الملى يرأسه البابا البطريرك، وبالتالى لم توضع اللائحة برغبة العلمانيين فقط، لأن البطريرك موجود على رأس المجلس، موضحا أن الزواج لا يعد شأن كنسى، وإنما اجتماعى، وحتى القرن الثامن الميلادى لم يكن هناك ما يسمى بالزواج فى الكنيسة .
وطالب فادى كريم، مؤسس حركة الحق فى الحياة ، الكنيسة الكاثوليكية بتناول قضية الزواج المدنى من أرضية حقوق الإنسان، وإيجاد تشريع خاص بالزواج المدنى، لا يجبر الناس على اللجوء للكنيسة من أجل الزواج، لافتا إلى أن المواثيق الدولية تكفل للناس الحق فى الزواج، وإقامة الأسرة أو فضها علاقة الزواج بالتراضى.
وشدد أن من حق الكنيسة تفسير الإنجيل كما تريد، موضحا أنها رغم المراجاعات والتطوير لازالت مصرة على عدم وجود طلاق، مضيفًا: لا يجب أن نجادل الكنيسة فى أمور لاهوتية أو فقهية، لكن يجب تناول الزواج المدنى من أرضية حقوق الإنسان
التعليقات مغلقة الان