قال الدكتور عبدالصمد محمد، أستاذ الفقة بكلية الشريعة والقانون بأسيوط جامعة الأزهر، إن الحج من أفضل الأعمال الصالحة، وأنه سبب لمحو الخطايا، وغفران الذنوب.
ومن الأحاديث الواردة فى فضله، ما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أى العمل أفضل؟ قال: “إيمان بالله ورسوله” قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد فى سبيل الله” قيل: ثم ماذا؟ قال: “حج مبرور”، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” وقوله صلى الله عليه وسلم: “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.
وأضاف عبدالصمد ، أن الحج وغيره من صالح الأعمال ومن أسباب تكفير السيئات، إذا أداها العبد على وجهها الشرعى، واختلف الفقهاء فى الحج هل يكفر الكبائر أم لا؟ فذهب بعض الفقهاء إلى أن الحج المبرور يكفر جميع الذنوب؛ لظاهر الأحاديث السابقة، ذهب بعضهم إلى أن الحج لا يكفر الكبائر بل لا بد لها من توبة؛ لما فى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر”.
وأما الذنوب التى تتعلق بحقوق العباد، فقال عبدالصمد إن من شروطها أن تبرأ الذمة منها، إما بردها لأصحابها وإما بتنازلهم عنها، يؤيد ذلك أن الشهادة فى سبيل الله، وهى من أعظم الأعمال الصالحة، لا تكفِّر حقوق العباد، كما ورد فى الحديث: “يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الديْن”، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فيمن تركَ الصلاةَ عامدًا أو غير عامد، ووجبتْ عليه الزكاةُ ولم يُزَك، وعاق والديه، وقتل نفسًا خطأ وقد قصد الحج، فهل يسقط هذا جميعه ومظالم العباد محتجًا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَن حج هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ خرجَ من ذنوبِه كيومِ وَلَدتْه أمُّه”؟ فأجاب “أجمعَ المسلمون أن الحج لا يسقط حقوق العباد كالدَّيْن ونحوِ ذلك، ولا يسقط ما وجب عليه من صلاةٍ، وزكاة، وصيام، وحق المقتول عليه وإن حجَّ، والصلاة التى يَجبُ عليه قضاؤُها: يجب قضاؤها وإن حج، وهذا كله باتفاق العلماء”.
ونوه إلى قول الإمام “الترمذى” هو مخصوص يقصد حديث من حج فلم يرفث ولم يفسق بالمعاصى المتعلقة بحق الله تعالى خاصة دون العباد “وقال العلامة اللقانى فى شرحه الكبير على (جوهرة التوحيد): “إن من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، أى سقط عنه إثم مخالفة الله تعالى، ولا يتناول ذلك حقوق الله وحقوق العباد، لأنها فى الذمة وليست ذنوبًا، وإنما الذنب المطل فى الحق فيتوقف على إسقاط صاحبه “لكن قد يكون للحج أثر فى تجاوز العباد عن حقوقهم، ومسامحتهم عنها، ويكون هذا من بركات شعيرة الحج؛ لعظم ما تتضمنه من الشعائر التعبدية وتحقيق العبودية والخضوع لله عز وجل.
وأكد أن الحج يكفر صغائر الذنوب مطلقًا وأما الكبائر المتعلقة بحقوق الناس فإن كانت مالية كدين عليه أكله ظلمًا وعدوانًا فلا يكفره الحج ولا بد من وفاء دينه، وأما الكبائر المتعلقة بحق الله تعالى فإن كانت مثل الإفطار فى رمضان بغير عذر فيجب عليه قضاؤه ولا يكفره الحج، وإن كانت مثل تأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر فإن الحج يكفره وعليه أن يتوب توبة صادقة.
التعليقات مغلقة الان