أين حق المريض ؟

كتبت / جيهان السنباطى

من الطبيعى والبديهى أن من يعانى من مرض ما يجد الخدمة الطبية التى تتيح له التداوى بكل يسر وكرامة , ودون تحميله مالا يطيق من المشاق والصعوبات , ولكن للإسف فالمريض فى مصر يعيش مأساة حقيقية , فالمريض فى مصر حالياً يعنى بكل بساطة , الوقوف فى طوابير طويلة من البشر أمام العيادات الخارجية للمستشفيات حتى يصل الى الطبيب المعالج , وقد تتراوح فترة إنتظاره الى أيام وأسابيع , وقد يصل بعد طول إنتظار الى الطبيب المعالج ثم يُبتلى بتشخيص خاطىء لمرضه ويتسبب إعطائه علاجاً خاطئاً فى وفاته أو إصابته بعاهة مستديمة , أو قد يلقى حتفه بضربة شمس , أو يصاب بأمراض آخرى نتيجة إنتشار القمامة والقاذورات والحشرات أمام المستشفيات , أو يصاب بالتلوث نتيجة فساد المعدات والأجهزة المستخدمة كالسرنجات وأكياس الدم وغيرها . بإختصار فالمريض فى مصر أمامه خياران لاثالث لهما , إما الإستسلام والرضا بالإبتلاء وإنتظار ملك الموت يأتيه ليخلصه من الدنيا وأوجاعها , أو يلجأ بكامل إراداته الى أحد المستشفيات الحكومية أو الخاصة ليلقى نفس المصير , وذلك لتدنى أوضاع المنظومة الصحية فى مصر بشكل عام , سواء فى المستشفيات الحكومية أو فى المستشفيات الخاصة , حيث تفشى ظاهرة الإهمال الطبى وإنعدام النظام , والفساد الإداري وغياب الرقابة , وهو ما أرجعه المسؤليين المصريين الى قلة الإمكانيات وعدم توفير الدعم المادى اللازم الذى من المفترض أن توفره ميزانية الدولة لهذا القطاع , وقد أوضحت عدة دراسات طبية عن وزارة الصحة، أن نسبة الوفيات نتيجة الإهمال الطبي بلغت في العام الماضي فقط نحو 49.8%، ووفقًا لتقديرات النيابة العامة فإن نحو 75 قضية إهمال طبي خلال شهر واحد تم حفظها العام الماضى. وليس هذا هو حال المستشفيات فقط بل هو نفس حال السادة الأطباء والفنيين أيضاً , فلم يعد هناك أطباء متمكنين من مهنتهم , ولم يعد لديهم قدرة على تشخيص المرض بشكل سليم , وأصبحت قراراتهم غير موثوق فيها , حتى إنعدمت الثقة فيهم , وهذا يرجع بالطبع الى نقص التدريب والتعليم الطبي المستمر , فقديماً كنا نقول أن من يمتهن مهنة الطبيب هو دائما فى حالة دراسة وإطلاع مستمر على أحدث الأبحاث الطبية , لكن الأمر تغير حالياً فبرغم أن كليات الطب تخرج سنوياً مايتراوح بين 10 إلى 12 ألف طبيب, فأن من يسجل في الدراسات العليا 5000 طبيب فقط، أي أن نصف الأطباء لا يحصلون علي فرص التدريب والتعليم الذي يؤهلهم للعمل الطبي والنتيجة الحتمية طبعاً هو المزيد من الضحايا الذين لاذنب لهم سوى أنهم مرضى . لابد أن نعلم جيداً أن نهوض المجتمعات وإستقرارها سيتحقق بإحترام إنسانية وآدمية مواطنيها , وحتى يتحقق ذلك لابد من توفير المطالب الأسياسية والضرورية التى توفر للمواطنين الحياة الكريمة وتنمى فكره وتحافظ على صحته وتساعده على الإستمرار والبناء , كالتعليم والصحة والغذاء , فليس منطقياً أن تُبنى تلك القطاعات بالإعتماد على تبرعات أهل الخير , خصوصاً أننا على أبواب شهر رمضان الكريم , حيث تكرار الإعلانات التليفزيونية التى تحث المواطنين على التبرع للمستشفيات لعلاج مرضى القلب والأمراض السرطانية والفشل الكلوى , والتبرع لبناء مدارس , وآخرى لتوفير الغذاء للفقراء , حتى يجد المواطن البسيط نفسه فى حيرة , ويتسائل ” أنا أعمل فى وظيفتى بما يرضى الله , وأدفع الضرائب المفروضة عليا من الدولة التى تستخدمها لبناء الطرق والمدارس والمستشفيات وتوفير الغذاء” , فهل المطلوب منى كمواطن بسيط أيضاً أن أدفع ثمن خدمة من حقى الحصول عليها مرتين ؟؟ مرة تؤخذ من راتبى من المنبع , ومرة أدفعها بإرادتى بدافع الشفقة وعمل الخير ومساعدة الفقراء ؟؟ فأين حق المريض ؟؟؟ اللهم إكفنا جميعاً شر المرض , اللهم اشفى مرضانا ومرضى المسلمين جميعاً اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان