أتركوه لدعوته لنرى صداها ونكتشف الحق من الزيف !!!

بقلم -خالد الريدي

أنا سعيد للغاية بالدعوة التى أطلقها الكاتب الصحفى العلمانى شريف الشوباشى للمرأة المصرية بخلع الحجاب ، والنزول فى تظاهرة كبرى بميدان التحرير ، فى الأول من مايو المقبل ، ولست غاضبا بالمرة كما فعل كثيرون ، وأرفض مطلقا أى تهديدات توجه إليه من قبل الجماعات المتطرفة أو الإرهابية ، فهو حر تماما فى رأيه ، وله أن يقول مايشاء فى بلد حر ، وعندما يتجاوز القانون يعاقب بالقانون ، وإذا خالف الدستور من باب أولى فهنا يتصدى له الدستوريون والمحكمة الدستورية العليا ، وبعيدا عن كون المادة الثانية من الدستور ، والتى تنص صراحة على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيس للتشريع ، وهذا يعنى كثيرا وكثيرا جدا لمن يعى !!
ولكننا عندما نرجع إلى تاريخ الشوباشى سنلتمس له كل الأعذار فيما كتب وقال ، فهو ينادى بخلع الحجاب منذ 40 عاما كاملة ، وليس الأمر وليد اليوم ، وليس كما يدّعى هو نفسه أنها موجهة ضد الإخوان ” غيرالمسلمين” ، لأنهم منذ 40 عاما ، لم يكن لهم وجود سياسى حقيقى ، إلا التحريض بعدها بسنوات على قتل البطل الشهيد أنور السادات ، إذن فهو يناقض نفسه ، ويكشف زيف مبررات دعوته ، فالأمر قديم ومنذ عقود ، وفيه ما يبدو جليا أنه كره واضح للحجاب ، إلى الحد الذى اتهم فيه عدد كبير من المحجبات أنهن عاهرات ، وهو هنا يقع مباشرة تحت طائلة قانون العقوبات المصرى ، لأن هذا يعد قذفا واضحا ، ويستحق بناء عليه الحبس 3 سنوات ، المهم أننا عندما نغوص فى فكر الشوباشى ، وطريقة تفكيره ، والبيئة التى عاش فيها معظم حياته ، سنجد مبررا واضحا لكل أفعاله وتصرفاته ، فقد كان مسئولا عن مكتب جريدة الأهرام فى فرنسا على مدى عقود طوال ، ومن الواضح أن الثقافة الفرنسية ، التى تعادى الحجاب بشدة وكل المظاهر الإسلامية عامة أثرت عليه بقوة ، خاصة وهى تدعو إلى الحرية بغير حدود بل إلى حد الإباحية أيضا ، وهذا ما نهل منه الكاتب ، وهنا لابد أن نقول ” إن كل إناء ينضح بما فيه ” ، ولنراجع الأمور جيدا فهو طوال تاريخه تقريبا يهاجم الأزهر الشريف ، ولا يعترف له بدور ولا أهمية بل يتهمه بالتخلف والرجعية ، ويطالب بإلغاء كل فتاويه ، معتبرا أنه ضد التطور والفكر العصرى والتحرر ، بما يعنى أنه لايؤمن بالمؤسسة الدينية الأهم على الإطلاق فى العالم الإسلامى كله منذ أكثر من ألف عام ” 1000 عام” ، ـ رغم ما شاب أداءه من تراجع أحيانا ، وجمود أحيانا ، بسبب تدخل بعض الحكام من ناحية ، ووقف باب الاجتهاد من ناحية أخرى ـ ، ولكن بقى دور الأزهر على مر التاريخ لابد أن يذكر ، ولا يمكن أن ينكر، فهو صاحب أدوار عدة لاشك فيها ، وكم ساهم فى قيام ثورات كبرى ، بل وحروب ضد المستعمرين والغزاة ، منذ أيام التتار والصليبيين والفرنسيين والإنجليز أيضا ، وهو نفسه من خرج رواد التنوير الدينى وأصحاب الفكر الإصلاحى العظيم من أمثال العلماء الفقهاء الكبار: محمد عبده ـ محمد مصطفى المراغى ـ عبدالحليم محمود ـ محمد الغزالى ـ محمود شلتوت ـ محمد متولى الشعراوى ـ جاد الحق على جاد الحق ، لكن الشوباشى تعامى عن ذلك ، وغيره كثير ، ولم ير فقط إلا كرهه للمؤسسة الدينية ، فما البديل عنده ياترى أن نأخد الفتوى ، ونتعلم الاجتهاد من نوادى الليونز والروتارى أم من الأندية والمنظمات الماسونية الأخرى أم ماذا ؟؟
ثم إنها آفة هذه الأمة الجهل بكل ماتعنيه الكلمة من معان ، فالجهل الحقيقى ليس بالقراءة والكتابة بل الجهل فى فهم صحيح الأمور ، وفى حسن إعمال العقل ، بعيدا عن الجنوح المرضى أو الشطط الجنونى ، بحسن التفكر فى المعانى والتدبر فى الأدلة ، واستنباط الأحكام التفصيلية والجزئية من الأدلة الكلية والإجمالية ، فهذا عين الاجتهاد ، ولكن ماذا نقول لمن ير أن الحجاب ليس فريضة فى الإسلام ، متنكر الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذى قال فيه لأسماء بنت أبى بكر ” إن المرأة إذا بلغت المحيض فلايجوز أن يظهر منها سوى وجهها وكفيها ” فهل هذا يعد تكذيبا لحديث رسول الله ، وهدما للسنة المطهرة ؟؟؟
ومع ذلك فإن آفة الجهل كارثة كبرى فقد كان النص القرآنى الكريم الذى أمر فيه الشارع الحكيم ” الله عز وجل” بارتداء الخمار تحديدا ، والذى وجه النداء فيه إلى أمهات المؤمنين واضحا صريحا ، فكيف يطلب رب العزة جل وعلا من زوجات رسول الله ” صلعم” ، وهن أمهات المؤمنين ، ومعروف عنهن التقى والورع والصلاح ، أن يضربن بخمرهن على جيوبهن ، ويطلب أيضا ألايبدين زينتهن إلا لبعولتهن ، ثم نقول إن الحديث مقصورا عليهن ، ولا يمتد إلى نساء المسلمين ، وأن هناك خصوصية سبب وليس عمومية نزول ؟؟
هذا منتهى الجهل لأن هؤلاء قدوة ومثل لكل المسلمات المؤمنات ، من ناحية ومن ناحية أخرى ، فلم يأتى فى الآية الكريمة ما يدل على قصرها عليهن وحدهن ودون سواهن ، إنما جاء الأمر الإلهى موجها إليهن لأنهن أول المطالبات والملزمات بالعمل به ، وهن القدوة والمثل ، وإلا فهنا يبدوا التناقض بين كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم ، وهذا هو المسحيل بعينه ، لأن السنة إما مكملة ومتممة ، أو شارحة ومفصلة ، هذا لو كان هو نفسه يدرك ذلك ، لأنى أخشى أنه ينتقى من الدين ما يشاء وكيف يشاء لغرض فى نفس يعقوب مثلما يفعل تماما إسلام البحيرى ، وهو أن يجتزأ من النص ، مايحلو له بعيدا عن محتواه ومضمونه ، ليحقق به مآربه !!!
أو أن يتعمد سوء الفهم متسلحا بسوء النية والظن ، ليبلغ هدفه ومسعاه !!
ولكن على أى حال أرى الدعوة فرصة هائلة ، لنكتشف حقا من ارتدين الحجاب رغم أنفهن أو عنوة ، ومن ارتدينه عن قناعة وإيمان بفرضيته ، وبحثا عن طاعة الله ، ورغبة فى رضوانه ، إنها فرصة ذهبية لنتخلص ممن ارتدين الحجاب مظهرا وأمرا شكليا ، ولم يلتزمن بشرائطه الفقهية الثمانية ، والتى منها ألا يكون تشبها بالرجال ، وألا يكون ضيقا بل واسعا فضفاضا ، وألا يكون قصيرا ، وألا يكون شفافا ، وأن يستر العورة إلخ
فهذا هو الحجاب حقا ، أو هو الخمار بمعنى أدق لغة وبيانا وتفصيلا !!
أتركوه وأمثاله لدعوته ولمن يطعنه من النساء ليتبين لنا جميعا الحق من الباطل ، ولنميز الخبيث من الطيب ، وليعرف كل أب أو زوج أو أخ هل أدى ما عليه تجاه إبنة أو زوجة أو أخت يعد مسئولا عنها أمام الله ، فعلمها دينها ، وفقهها فيه ، وقام بدوره تجاهها كراع مسئول عن رعيته ، أو ولى أمر لها ، أم تركها تفعل ما تشاء وما يحلو لها دون ضابط ولا رابط ، ولا رقيب من دين أو خلق ، ولا نازع من خير ؟؟
بل وأيضا لنكتشف من أرغم وقهر وقسر ابنته أو زوجته أو أخته وأجبرها وأرغمها على ارتداء حجاب تكرهه أو خمار ترفضه ، فلبسته رغم أنفها ، ومع ذلك بقيت رغم السنين على رفضها ، فأتت بسلوكيات لا تمت للحجاب ولا للأخلاق بصلة ، أو كانت شر دعاية لدينها بتصرفاتها غير المسئولة أو الاأخلاقية ، رغم ارتداء الحجاب ، لأن حجابا بلا أخلاق ، أو حجابا بلا علم ، أو حجابا بلا دين ، لاقيمة ولا معنى ولا فائدة ولا جدوى منه مطلقا ، بل هو الكذب على أنفسنا وخداع الذات !!!
ودعونا نتأكد من نسبة ال 70 بالمائة التى قالها بثقة مطلقة ، وكأن هناك محاضر فى أقسام الشرطة أو بلاغات فى النيابة العامة تقول إن 70% من نساء مصر ارتدين الحجاب عنوة !!!
وربما فعلها المجلس القومى للبحوث الاجتماعية وأجرى بحثا سريا فى هذا الشأن ، أو أنه مر على بيوت ملايين المصريين ، وسأل السيدات أنفسن ، خلسة ومن خلف أولياء أمورهن حول أسباب ارتدائهن للحجاب أو الخمار !!!
إنها فرصة لنعلم حقا مدى تدين مجتمعنا ودرجته وقوته وهل تديننا شكلى ومظهرى أم حقيقى واقعى حتى لا نظل فى وهم كبير أو نبقى فى دائرة الكذب على النفس وخداع الذات !!
واؤكد أن هناك قلة من النساء ستخلع حجابها وستسعد أن تكون سافرة وهى حرة فى ذلك فحسابها على الله وحده ، وليس فى القانون ما يجبرها على ذلك ، بل وليس فى الشريعة الإسلامية السمحاء عقاب على ترك الحجاب فى الدنيا ، ولكن عقابه عند الله فى الأخرة ، وقرأنا عنه فى رحلة الإسراء والمعراج ، وعلى الجانب الأخر هناك ملايين السيدات سيرفضن ليس مجرد خلع الحجاب ، بل تلك الفكرة المسمومة نفسها ومن دعا إليها ، والمؤكد أن هناك من لسن بمحجبات كنتيجة عكسية لهذا التطرف الفكرى المريض من صاحب الدعوة الشاذة ، سيرتدين الحجاب ، فلاشك أن هذا الفكرة فى مجتمع مسلم تعد فكرة شاذة تماما ، وفى هذا التوقيت بالذات تعد فتنة كبيرة ، بل والأهم أنها تمثل موجة جديدة من موجات التطرف الفكرى اللادينى أو العلمانى أو هى إرهاصات أولى لمحاولات نشر الإباحية فى بلادنا ، فمع كل احترامى لغير المحجبات ومنهن زميلات وصديقات ومعارف محترمات للغاية ، بل يصلين ويصمن ويؤدين ما عليهن من فروض دينية مختلفة ، ويتخلقن بخلق إسلامى راق فى معاملتهن مع الناس كافة ، ومع رفضى لتصرفات كثير من المحجبات التى لا تليق مطلقا بسلوك إمرأة مسلمة بل ولا حتى مع الخلق القويم ، ولكن العيب ليس فى الحجاب مطلقا بل فيمن ترتدينه ، مثلما نقول إن العيب ليس فى الإسلام ولكن فى بعض أتباعه ، لأنه الدين الخاتم بل هو وحده الدين عند الله ، وماسواه ديانات ، إذا يقول تعالى : إن الدين عند الله الإسلام ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو فى الأخرة من الخاسرين ” صدق الله العظيم
ودوما للحديث بقية إن كان فى العمر بقية !!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة الان